{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}: أيْ: آيات القرآن، شبههم ربُّهم بالصُّم؛ الذين لا يسمعون أبداً، والبكم؛ الذين لا ينطقون رغم أنهم يسمعون، ويتكلمون، والباء: للإلصاق.
{صُمٌّ وَبُكْمٌ}: صم؛ لأنهم أصموا أذانهم عن سماع الحق وتلقي القرآن؛ لا يسمعون القرآن وآياته، وما أنزل إليهم من ربهم، وبكم؛ لأنهم لا ينطقون، ويقرؤون القرآن؛ أيْ: سماع تدبر، وهداية، أو نطق بالحق.
في الظلمات: وصفهم بالصم والبكم التائه في الظلمات (لتعدد الظلمات) ومنها ظلمة الشرك، والكفر، والضلالة، والمعاصي.
{مَنْ}: ابتدائية، تضم المفرد، أو الجمع، وتعني العاقل.
{يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ}: أيْ: من اختار، واستحب الضلالة على الهدى، ولا يريد الخروج منها يتركه وشأنه؛ فيموت على الكفر، والشرك، ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم، ومن اختار الهداية يساعده كي يبقى، ويستقيم على الصراط المستقيم: وهو الإسلام.
وجاء بالصمم، قبل النطق؛ لأن الإنسان لا يتكلم إلَّا إذا سمع، أو كون جهاز السمع يخلق قبل جهاز النطق.
وقوله -عز وجل- :{صُمٌّ وَبُكْمٌ}: إضافة الواو يدل على أنهم جماعات مختلفة، منهم: الأصم، ومنهم الأبكم.
ولو قال: صم بكم، من دون الواو؛ لدلَّ ذلك أنهم جماعة واحدة، أصابها الصم والبكم معاً؛ ارجع إلى سورة البقرة آية (١٨) للمقارنة وهي قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ}.
{يَشَإِ}: من المشيئة، والمشيئة تأتي قبل الإرادة، والمشيئة أو غريزة الإيمان موجودة عند كل عبد، وما عليه إلَّا أن يبعثها ويوقظها في قلبه، وكما قال تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}[الحجرات: ٧].