{فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا}: عبداً: في اللغة تعني: إنساناً؛ سواء أكان مملوكاً أم حُراً؛ موسى وفتاه وجدا عبداً من عبادنا: هو العبد الصّالح، وقيل: اسمه الخضر، ولكنه جاء بصيغة التنكير للعبد الصالح فقال عبداً، ولم يقل العبد الصالح، والسؤال لماذا هذا التنكير؟ للدلالة أن هذا العبد الصالح ما هو إلا عبد من عباد الله الكثيرين الذين لهم الزلفى عند ربهم.
وسمي بالخضر؛ لأنّه كان إذا جلس أو صلى اخضر ما حوله، أو قيل في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده، عن أبي هريرة: أنّه جلس على فروة بيضاء (أي: على الحشيش اليابس) تحول لونها إلى خضراء، والله أعلم.
{وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}: وعلمناه بعضاً من علم الغيب الخاص به.
{مِنْ لَدُنَّا}: لدن: بمعنى: عند، ولكنها أقرب مكاناً، وأبلغ، وأخص من عندنا. انظر كيف استعمل رحمة من عندنا، وعلمناه من لدنا علماً. وانظر إلى الفرق بين من لدنا، ومن عندنا، أو منا.
من لدنا: تستعمل للشيء الخاص الّذي يراد إعطاؤه لشخص مقرب إلى الله تعالى؛ مثل: شيء من علم الغيب.
وأما منا: تستعمل للمؤمن، والكافر، والصّالح، والطّالح.
{عِلْمًا}: من علم الغيب من لدن الله عز وجل أوحاه الله تعالى إلى الخِضر.
إذن كلمة من لدنا: أقرب، وأخص، وأبلغ من كلمة: من عندنا، وعندنا: أقرب من كلمة: منا، وقد وردت كلمة من لدنا في القرآن في سبع عشرة آية؛ كلها جاءت في سياق الرّحمة، واللين، والهبة، والإيتاء، والعطاء الخاص.