سورة الزخرف [٤٣: ١١]
{وَالَّذِى نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}:
انتهت الآية (٩) بقوله: {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَالَّذِى نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}.
تكرار الّذي يفيد التّوكيد وتدل على التّعظيم.
{نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: نزل من السّماء: أيْ: من السّحاب (السحاب الركامي)، وتعريف السّماء: هي كل ما علاك؛ فالسحاب هو من السماء. ماءً: له أسماء أخرى الغيث، المطر، الودق، الطّل، نزل تعني: المرات العديدة بينما أنزل من السّماء تعني: مرة واحدة.
بقدر: بكميات معينة مقدرة كبيرة أو قليلة قد تسبب الفيضانات أو قليلة تسبب الجفاف أو معتدلة حسب الحاجة.
فقد قدر العلماء أن كمية الماء على الأرض لا تتغير في الكمية فهنالك ١, ٤٠٠ مليون كم٣ يتبخَّر منها كل عام ٦٠٠, ٠٠٠ كم٣ من الماء، و٥٠٠, ٠٠٠ كم٣ يتبخَّر من مياه البحار والمحيطات، و١٠٠, ٠٠٠ كم٣ يتبخَّر من اليابسة، وتنفس الحيوانات والنّاس والأنّهار والبحيرات، ويعيد الله سبحانه على اليابسة ١٦٥, ٠٠٠ بزيادة (٦٥, ٠٠٠كم٣) يأخذها من البحار والمحيطات، فيُعيد على البحار والمحيطات (٤٣٥, ٠٠٠) بدلاً من (٥٠٠, ٠٠٠) تلعب هذه الزّيادة دوراً مهماً في تعرية الجبال، وتفتيت الصخور وإعادة تركيز المعادن وإغناء التربة بالمعادن الضرورية في عملية الإنبات وغذاء الحيوان والإنسان وتلطيف المناخ، فهذا من رحمة الله وكرمه.
{فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا} الفاء تفيد المباشرة، أنشرنا به: أحيينا به، أيْ: بالماء وتقديم به يفيد التّوكيد والحصر.
بلدة ميتاً: بلدة مجدبة (لا نبات فيها ولا زرع) المراد به بالماء إحياء الأرض بالنّبات والزّرع. وانتبه إلى الفرق بين:
ميْتاً: بسكون الياء التي تدل على بلدة ماتت بالفعل منذ زمن. وأما لو جاءت الياء مشددة فهي تدل على بلدة ما زالت فيها حياة، وستموت قريباً إذا لم يصلها الماء، كما في سورة فاطر آية (٩)، أو أرض غير قابلة للزراعة على الإطلاق، وهو سبحانه قادر على إحياء كلا النّوعين من الأرض.
{كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}: ارجع إلى سورة الرّوم آية (١٩)، أيْ: مثل هذا الإحياء للأرض الميْتة بالماء تحيون وتخرجون من القبور.