للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة المنافقون [٦٣: ٧]

{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}:

أسباب نزول هذه الآية (٧) والآية (٨) كما روى البخاري ومسلم وغيرهما:

في غزوة بني المصطلق ازدحم رجل من المهاجرين مع رجل من الأنصار على ماء المُرَيْسيع وضرب أحدهما الآخر، مما أثار الفتنة بين المهاجرين والأنصار وعلى رأسهم عبد الله بن أُبيّ الّذي قال: أوَقد فعلوها! والله ما مَثَلُنا ومثَلُهم إلا كما قيل: سمِّن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل؛ يعني محمّداً -صلى الله عليه وسلم-! وقال لقومه الأنصار: كفّوا طعامكم عن محمّد وأصحابه ولا تنفقوا على من عنده؛ حتّى ينفضُّوا ويتركوه، وأنكر عبد الله بن أُبي أنّه قال ذلك، وقيل له: اذهب إلى رسول الله واستغفره، فأبى ولوى رأسه، ونزلت هذه الآيات.

{هُمُ الَّذِينَ}: هم: ضمير فصل للتوكيد، تعود على عبد الله بن أُبيّ بن سلول وأصحابه من المنافقين، الّذين: ضمير متصل يفيد الذَّم ويفيد الكثرة.

{يَقُولُونَ}: بصيغة المضارع؛ لتدل على التّجدد والتّكرار، وحكاية الحال: يقولون للأنصار.

{لَا تُنْفِقُوا}: لا النّاهية، تنفقوا: المال وغيره من الطّعام والشّراب؛ حتّى يجوعوا ثمّ ينفضّوا عنه.

{عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ}: أي على المهاجرين.

{حَتَّى}: حرف نهاية الغاية.

{يَنفَضُّوا}: يتفرقوا عن رسول الله ولا يبقوا حوله، من الفضّ: وهو التَّفريق بين الشّيء المُجمع، أو كسر الشيء والتفريق بين أجزائه.

{وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الواو للتوكيد، لله: تقديم الجار والمجرور يدل على الحصر؛ أي: لله وحده، خزائن: جمع خزينة، خزائن الأرزاق والمال والخيرات والطعام والشراب، والمعادن والذهب والفضة والحديد وكل ما يتصوره الإنسان ويحتاجه في حياته على الأرض، هذه الخزائن هي النجوم التي لا تحصى ولا تعد ويقدّر عددها بالمليارات، وهي أفران نووية تصنع فيها كل المواد والمعادن والذهب والفضة والحديد وغيرها. ارجع إلى سورة الحجر آية (٢١) وسورة الأنعام آية (٥٠) لمزيد من البيان.

{وَلَكِنَّ}: لكن حرف استدراك وتوكيد.

{الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}: الفقه: وهو الفهم للحقائق أن الله سبحانه وحده هو الرّزاق، ومنعهم الإنفاق على رسول الله، أو صحابته لا يضر، وذلك لجهلهم بعظمته وقدرته، وإن الله قادر على أن يرزق من يشاء بغير حساب.

والفقه اصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية. ارجع إلى سورة النساء آية (٧٨) لمزيد من البيان.