{وَإِذْ}: ظرف زماني، واذكر إذ يمكر بك، أو اذكر حين مكر بك، والمخاطب هنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: يمكر: جاءت بصيغة المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار، واذكر إذ اجتمع الّذين كفروا في دار الندوة؛ ليتشاوروا في أمرك، ويمكروا بك، والمكر: هو التّدبير الخفي؛ لإلحاق الضّرر بالآخر؛ من حيث لا يعلم، أو يشعر، وفيه نوع من الخداع والسوء، ولا يقوم به إلا ضعيف أو مهزوم، وتمخض اجتماعهم في دار الندوة عن ثلاثة مقترحات: هي الحبس، أو القتل، أو النّفي خارجاً، كما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .
{لِيُثْبِتُوكَ}: اللام: لام التّعليل، يثبتوك: أيْ: يحبسوك، ويقيدوك بالقيد؛ حتّى لا تقدر على الهروب.
{أَوْ}: للتخيير.
{يَقْتُلُوكَ}: بحيث يختار من كل قبيلة غلاماً، فيضربون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضربة رجل واحد؛ فيفترق دمه بين القبائل؛ فلا يستطيع بنو هاشم على حربهم، وإذا طلبوا الدّية تدفع لهم.
وكان القرار النّهائي: الاتفاق على قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}: أيْ: هم يمكرون ليقتلوك، والله يمكر، وهو أعظم منهم مكراً، قادر على إحباط مكرهم، ومعاقبتهم على ذلك؛ لأنّه هو القوي العزيز، وهو خير الماكرين.
والسّؤال: كيف يمكر الله سبحانه، أو ينسب المكر إلى نفسه؟
الجواب: هو مجرد مشاكلة باللفظ، والمكر من الله؛ يعني: الانتقام منهم، ومجازاتهم على ما يقومون به من مكر، وغدر، وكيد.
وجاء جبريل -عليه السلام- فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن لا يبيت في مضجعه، وأذن له بالهجرة إلى المدينة، وأمر رسول الله علياً -رضي الله عنه- ؛ فنام في فراشه، وأبطل الله مكرهم، كما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .