للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة آل عمران [٣: ١٣]

{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِى فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِى الْأَبْصَارِ}:

{قَدْ}: حرف للتحقيق، والتوكيد.

{كَانَ لَكُمْ آيَةٌ}: خاصة، اللام: لام الاختصاص، والكاف كاف الخطاب موجَّهة إلى المؤمنين (أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة، والمؤمنين عامة، وكذلك موجَّهة إلى الكفار، واليهود، ولم يقل: قد كانت. الجواب: كل ما ليس بمؤنث حقيقي، يجوز تذكيره، أو تأنيثه. وأما تنكير آية فهو للتفخيم والتهويل.

الآية: العلامة الثابتة، أو الدلالة على صدق ما يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتذكير الآية بدلاً من تأنيثها؛ يدل على قوة الآية والتوكيد.

{فِى}: ظرفية زمانية ومكانية.

{فِئَتَيْنِ}: الفئة: وهي الجماعة التي يحمي وينصر أفرادهم بعضهم بعضاً وقت الحرب، أو الشدة، والفئة من الفيء وهو الرجوع.

فكل فرد من هؤلاء الجماعة لا يستطيع، أو يظن أنه قادر على يحمي نفسه إلا إذا فاء؛ (أي: رجع) إلى فئة كي تحميه.

فئتين: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ} (الفئة المؤمنة).

{وَأُخْرَى كَافِرَةٌ}: الفئة الكافرة التي تقاتل في سبيل الطاغوت والشيطان.

{الْتَقَتَا}: يوم بدر (غزوة بدر الكبرى).

{يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ الْعَيْنِ}؛ أي: يرونهم ومثليهم؛ أي: إذا كان عددهم ألفاً؛ فإنهم يرونهم ألفين.

ويرونهم مثليهم؛ أي: الفئة الكافرة ترى الفئة المؤمنة مثليهم في العدد وذلك حين بدأت المعركة، ومثليهم تعني مثلي عدد المؤمنين. ارجع إلى سورة الأنفال، آية (٤٣-٤٤)؛ لمزيد من البيان.

رأي العين: رؤية ظاهرة مكشوفة بالعين (رؤية معاينة)؛ أي: ليست رؤية قلبية.

{وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ}: يؤيد: يقوي من أيده، بدون الأسباب العادية، ويعين بنصره من يشاء، كما أيد المؤمنين على عدوهم.

{إِنَّ فِى ذَلِكَ}: إن للتوكيد، في ذلك: اسم إشارة للبعد، وفيه معنى العلو إشارة إلى النصر في معركة بدر.

{لَعِبْرَةً}: الدلالة الموصلة، أو المؤدية إلى العلم: والعبرة الآية التي يعبر منها من منزلة الجهل إلى منزلة العلم، ومشقة من العبور عبر الوادي؛ أي: قطعة من شاطئ إلى شاطئ.

وسمي الاتعاظ عبرة؛ لأن المتعظ يعبر من الجهل إلى العلم، ومن الهلاك إلى النجاة.

الموعظة: ما يُنصح، أو يُذكر به من قول، أو فعل ففيها نصح، وتذكير بالعواقب، أو إرشاد.

{لِّأُولِى الْأَبْصَارِ}: ولم يقل: أولي البصائر.

الأبصار: جمع بصر؛ أي: من له عينان عليه أن يبصر بهما، ويرى المشهد؛ لأن الأمر أمر مشاهد ومحسوس.

والبصائر ذوي البصيرة؛ أي: العقول كيف نصر الله الأقلية المسلمة، وهزم الأكثرية الكافرة، وأنزل جنوداً لم تروها.

ولا ننسى ما ورد في هذه الآية من البلاغة المسمى فن الاحتباك حيث حذف القول فئة (مؤمنة) تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت أو الشيطان.