{لَا يَبْغِيَانِ}: أيْ: كل منهما لا يطغى على الآخر، فرغم وجود المرج (الاختلاط) الذي يظهر للعيان (العين) فإنّ مائهما لا يختلطان حقيقة، فلكل منهما تركيبة من حيث الشّوارد المعدنية، ومن حيث الملوحة والكثافة وحيواناته الخاصة به وحرارته، فهناك برزخ، أيْ: حاجز فاصل مكاني حقيقي بينهما يمنعهما من الاختلاط، أو أن يطغى أحدهما على الآخر.
وتفسير ذلك أن الأملاح تتأين تتفكك إلى ذراتها الحاملة لشحنات موجبة وسالبة، وتقف هذه الشحنات على حواف كل ماء لتتنافر مع الشحنات المتشابهة في الماء المجاور، وتجعل هذا الحاجز مانعاً حقيقيّاً يحول دون اختلاط الماءين اختلاطاً كاملاً وتجعل البيئة بيئة حقيقية مغلقة على ما فيها من أنماط الحياة ووجد العلماء أن مياه البحار كما تتمايز أفقيّاً وتتمايز رأسيّاً، أيْ: إذا أخذنا عموداً من الماء نجد فيه ماء من بيئات مختلفة (استوائية، ومعتدلة، وباردة…).
ووجد العلماء أن الماء في البحر الواحد له ألوان متعددة مختلفة متجاورة تمتد لمساحات كبيرة، فكل بحر له ألوان خاصة به. ويتجلى ذلك لكل من يركب الطائرة، وينظر إلى ملتقى البحرين من الأعلى..
وقد دلت الأبحاث والتّجارب العلمية على هذه الحقيقة العلمية التي ذكرت في القرآن منذ أكثر من ١٤٠٠عام؛ مما يدل على أنّ القرآن تنزيل من العزيز الحكيم.