{إِذْ}: ظرفية فجائية، أيْ: واذكر إذ، أو اذكروا حين.
{جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ}: من ناحية الشّرق من أعلى الوادي وهم غطفان وبنو قريظة وبنو النّضير، بقيادة عيينة بن حصن من فوقكم: أيْ: كأن جيش المشركين هبط على المؤمنين من فوقهم مباشرة.
{وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ}: من أسفل الوادي من ناحية الغرب وهم قريش وكنانة. وأسفلَ: جاءت منصوبة؛ لأنها ممنوعة من الصرف، وقوله من فوقكم ومن أسفل منكم: لكي يحاصروكم فلا تستطيعوا الفرار، ولم يقل من تحتكم لعدم وجود فاصل يفصل بين الطرفين.
{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ}: واذكر إذ زاغت الأبصار: زاغ البصر مال يمنة ويسرة، أي: اضطرب من شدة الفزع، وقيل: زاغت الأبصار لم تعد تنظر إلا إلى عدوها لشدة الخوف والرّوع، أو لم تعد تتحرك في الاتجاهات الطبيعية لحركات العين أو محاورها العادية.
{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}: اضطربت القلوب من شدة الفزع حتّى أصبحت ضربات القلب كأنّها تخرج أو صادرة عن الحناجر، أيْ: كأنّ القلوب تحركت وارتفعت إلى أن وصلت الحناجر من شدة النّبض القوي الّذي يصل إلى الحناجر، وما يسمَّى النبض القافز.
{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}: أيْ: تظنون بالله الظّنون المختلفة والكثيرة، الخطاب موجَّه للمؤمنين، كلٌّ حسب ظنه، حسب إيمانه، ظنون مختلفة منكم قوي الإيمان وضعيف الإيمان والمنافق، قوي الإيمان يظن أنّ الله سينصر رسوله والمؤمنين، وضعيف الإيمان يظن أن المشركين سينتصرون ويدحرون المؤمنين، وبما أنّ هذه الظّنون كثيرة لا حصر لها أطلق كلمة الظّنونا بدلاً من الظنون؛ لتدل على كثرتها وعدم حصرها، وقال: الظّنونا جاء بأل التّعريف لكونها كثيرة فهي معلومة عند الله وعند الصّحابة، فهي معارف؛ لأنّها تدور حول النّصر والغلبة، وزيادة الألف زيادة في المبنى، أيْ: تشير إلى زيادة في المعنى.