للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة العنكبوت [٢٩: ٣٣]

{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِاءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}:

{وَلَمَّا}: الواو استئنافية، لما: ظرفية زمانية بمعنى حين متضمنة الشّرط.

{أَنْ}: هنا تدل على طول الزّمن أو التّراخي في الزّمن؛ أي: كأنه كان ينتظر بفارغ الصبر وقد طال الانتظار لمجيء هؤلاء الرّسل لإهلاك قوم لوط الّذين تمادوا في فعل الفاحشة.

{جَاءَتْ رُسُلُنَا}: أي الملائكة الّذين قدموا من عند إبراهيم.

{لُوطًا سِاءَ بِهِمْ}: أي أصابه السّوء بمجيئهم حين رآهم قادمين عليه، أحزنه، ساءه مجيئهم بدل أن يفرح ويسعد بهم (لأنّه لا يعلم أنّهم ملائكة) لأنّهم قدموا عليه بصورة بشر شبان حسان المنظر.

{وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}: أي اشتد عليه الشّعور بالضيق في صدره من مجيء الرسل إليه والخوف عليهم من قومه وظن أنه غير قادر على حمايتهم من قومه عندئذٍ أخبروه بقولهم: {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود: ٨١]. وأصل ضاق ذرعاً؛ أي: ذراعه ليصل إلى شيء فلم يستطع.

{وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ}: الخوف هو توقع الضّرر المشكوك في وقوعه، لا: النّاهية، تخف من قومك علينا؛ لأنّهم لن يصلوا إليك، ولا تحزن: الحزن: هو الألم النّفسي المستمر، وتكرار لا يفيد توكيد النّفي بعدم الحزن وبعدم الخوف وبكلاهما.

{إِنَّا}: بصيغة الجمع للتعظيم.

{مُنَجُّوكَ}: من النّجاة، منجّوك تدل على الثّبوت، وهناك فرق بين النّجاة والفوز، فالنّجاة: هي الخلاص من المكروه، وأمّا الفوز فهو الخلاص من المكروه والوصول أو الحصول على المحبوب.

{وَأَهْلَكَ}: الأهل: عادة تطلق على الزوجة والأولاد، وهنا استثنى الزّوجة.

{إِلَّا امْرَأَتَكَ}: إلا أداة استثناء، وقال: امرأتك بدلاً من (زوجتك) لأنّ: الزوج يطلق على الذكر والأنثى وهما زوجان، وهما زوج كلّ؛ أي: منهما يماثل الآخر.

ولأنّها كانت تخالف لوطاً في الدّين والإيمان ولذلك بدل اسم الزّوجة إلى امرأة. من خصوصيات القرآن استعمال كلمة المرأة إذا كانت الزوجة تخالف زوجها في الدّين أو العادات ويستعمل الزّوجة إذا كانت تحاكي زوجها في الدّين وغيره وليس فيها مرض أو عيب خَلقي. ارجع إلى سورة القصص آية (٩) لمزيد من البيان.

{كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}: الباقين في العذاب من: غبر، ولها معنيان:

الأول: مضى، والثاني: بقي، فما دامت بقيت مع أهل قريتها فهي أصبحت من الهالكين.