للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النحل [١٦: ١٠٣]

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُبِينٌ}:

{وَلَقَدْ}: الواو: استئنافية؛ لقد: اللام: للتوكيد؛ قد: للتحقيق، والتّوكيد؛ أيْ: تحقق ذلك، وحدث.

{نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}: إنما: كافة مكفوفة؛ تفيد التّوكيد؛ حيث يمكن أن تكون الآية نعلم أن كفار مكة وغيرهم أنّهم يقولون: يعلمه بشر.

{يَقُولُونَ}: ولم يقل: قالوا؛ لأنّهم استمروا في قولهم، وتجدَّد، وتكرَّر هذا القول بينهم يقولون: إنما يعلمه بشر (أحد من النّاس).

{بَشَرٌ}: اسم جنس: يشمل المفرد والمثنى والجمع, والذكر والأنثى مشتقة من البشرى، والبشارة؛ أيْ: حسن الهيئة؛ يقال: رجل بشر؛ أيْ: حسن الهيئة، أو تعني: الظّهور، أو علو شأنهم، ومنزلتهم، أو من الظّهور، أو من كون لا تغطيهم الأشعار.

وكلمة بشر: نكرة؛ لأنّهم ليسوا على يقين من هو ذلك البشر الّذي يعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتضاربت الآراء عندهم حول اسمه في تسعة أقوال؛ قالوا: هو غلام لبني عامر يقال له: يعيش كان يقرأ التوراة؛ فقالوا منه يتعلم محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روي عن ابن عباس، وقالوا: غلاماً لعامر بن الحضرمي واسم يسار (أبا فُكيهة), وقال: عبد الله بن مسلم الحضرمي كان لنا غلامان روميان أحدهما يسار والآخر جبر, وكانا يضعان السيوف بمكة ويقرآن الإنجيل؛ فكان النبي يمر بهما وربما استمع إليهما فظن المشركون أنه يتعلم منهما.

{لِسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ}: لسان: العرب تستعمل لسان بمعنى اللغة؛ لأنّ اللسان: هو وسيلة الكلام؛ أي: ولغة الّذي يُلحدون إليه.

{يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ}: وتقرأ {يُلْحِدُونَ} بضم الياء وكسر الحاء وتقرأ (يَلحَدون) بفتح الياء والحاء؛ أيْ: يميلون إليه، ويشيرون إلى اسمه, أو يزعمون أنه يعلمه, وأصل الإلحاد الميل يقال ألحد في القبر؛ أي: أمال حفرة عن الاستقامة واستعملت للقول ألحد في دينه أو ألحد في قوله, وبشكل عام الإلحاد هو: الميل.

{أَعْجَمِىٌّ}: أيْ: في لسانه عُجمةٌ؟ أي: الّذي تزعمون أنّه يعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أعجمي، وليس عربياً، وزيدت الياء: للتوكيد، والأعجمي: قيل في تعريفه: من لا يتكلَّم العربية، أو لا يفصح، ولا يُبين الكلام، حتّى وإن كان أصله عربياً.

والعجمي: هو من أصله عجمي، وإن كان يتكلم العربية الفصحى.

{وَهَذَا}: الهاء: للتنبيه؛ ذا: اسم إشارة، ويشير إلى القرآن الكريم.

{لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُبِينٌ}: أيْ: وهذا القرآن نزل بلسان عربي بلسان قريش باللغة العربية الفصحى.

{مُبِينٌ}: واضح، وظاهر لكلّ فرد لسانه؛ أيْ: لغته العربية، ومبين: لا يحتاج إلى دليل، أو برهان؛ لإثبات ذلك؛ لأنّه واضح من قراءته.