{أَوَلَمْ يَرَوْا}: الخطاب ما زال لكفار قريش المكذبين بالبعث أنّا قادرون على إحيائهم وبعثهم من جديد كما يشاهدون كيف نسوق الماء إلى الأرض الجُرُز، أولم يروا: الهمزة همزة استفهام للتعجب والتّقرير، ما: تستعمل في الأمور الدّنيوية أو العقوبات؛ أي: يمكن أن نرى آثارها، بينما (أولم يهد) تستعمل في أحوال الآخرة أو عقوبات الآخرة من باب التّبصر أو البصيرة وليس من باب الرّؤية، والرّؤية هنا رؤية بصرية ورؤية تفكر وتبصّر (رؤية فكرية) وتعني: أولم يعلموا.
{أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ}: أنّا للتعظيم، نسوق الماء: أي الرّياح تحمل السّحاب والملائكة يسوقون السّحاب أو يوجّهون السّحاب الّذي يحمل المطر.
{إِلَى}: تفيد الغاية.
{الْأَرْضِ الْجُرُزِ}: أي الأرض قُطع نباتها أو تمّ حصادها، أو أصبحت جُرزاً بسبب عدم الرَّي والماء أو الرّعي وهي أرض صالحة للزراعة.
{تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ}: تأكل منه: من النّبات أو الزّرع أو الحب أو التّبن أو الورق، أنعامهم: الإبل والبقر والغنم والماعز، وأنفسهم: يأكلون من الحب والزّرع والثّمر وغيرها.
{أَفَلَا يُبْصِرُونَ}: أفلا: الهمزة للاستفهام التّقريري والتّعجّب، أفلا يبصرون: رؤية بصرية بأعينهم إلى قدرة الله على الخلق والبعث، أفلا يبصرون تلك النّعمة فيهتدون إلى الخالق فيعبدونه ويشكرونه، ويتكرر ويتجدد هذا البصر.
قدّم الأنعام على الزّرع؛ لأنّ الأنعام تحتاجه لتأكل منه فهو قوام حياتها وقدّم الأنعام على النّاس؛ لأنّ الأنعام هي طعام وقوام حياة النّاس (اللبن واللحم وغيرها..).
مقارنة أفلا يسمعون وأفلا يبصرون:
أفلا يسمعون: ما يُروى لهم ويُقصّ عليهم من هلاك الظّالمين الّذين جاؤوا من قبلهم أمثال قوم هود وصالح ولوط، وصل إليهم عن طريق السّماع ويرشدهم إلى الهداية لعلهم يهتدون ويتعظون ويؤمنون.
أفلا يبصرون: الكلام هنا عن شيء مشاهد بالعين والبصر مثل: السّحاب والمطر والزّرع والأنعام، فناسبها قوله: أفلا يبصرون ويهتدون إلى قدرة الخالق وعظمته ويؤمنوا به ويوحّدوه.