للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة لقمان [٣١: ٢٠]

{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}:

المناسبة: في مطلع السورة ذكر الله سبحانه عدداً من النعم، ثمّ ذكر وصية لقمان لابنه، ثم عاد إلى ذكر بعض النعم وأنها تسخير من الله فقال تعالى:

{أَلَمْ}: الهمزة همزة استفهام وتقرير، ولم يقل أولم؛ لأن زيادة الواو تدل على شدة الإنكار.

{تَرَوْا}: رؤية قلبية فكرية تبصرية ورؤية بصرية عينية، والخطاب موجه إلى الكل وخاصة للمشركين؛ لقوله في الآية (٢١): {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}.

وقوله ألم تروا: إخبار من الله سبحانه عن شيء أعظم مما لو رأيناه بأم أعيننا وهو بدرجة عين اليقين، وألم تروا أقوى وآكد من قوله تعالى: ألم تعلموا.

{أَنَّ اللَّهَ}: أن تفيد التّوكيد.

{سَخَّرَ لَكُمْ}: ذلَّل لكم، والتسخير: التذليل بحيث تنتفعون به، لكم: خاصة بصيغة الجمع للعقلاء.

{مَا فِى}: ما: اسم موصول بمعنى الذي، فكل ما في السّموات والأرض خُيّرت فاختارت أن تكون مسخّرة لا إرادة لها مثل الشّمس والقمر والنجوم والكواكب والسحاب والمطر، كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢].

{وَمَا فِى الْأَرْضِ}: من الحيوانات والأنهار والجبال والأشجار والزرع والمعادن وغيرها، وتكرار (ما في) يفيد التّوكيد وفصل ما في السّموات وما في الأرض أو كليهما معاً.

{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}: أسبغ: أوسع وأفاض، وغمركم بالنعم الظاهرة والباطنة؛ مما يدل على سعة العطاء، ونِعمَ: جمع نِعمة، وتدل على جمع كثرة مقارنة بكلمة أَنْعَم على وزن أفْعَل جمع قلة.

إذن هو سبحانه سخّر لكم وأسبغ عليكم، فهذا يستحق شكره وحمده ليلاً ونهاراً.

{نِعَمَهُ ظَاهِرَةً}: مشاهدة ومحسوسة، {وَبَاطِنَةً}: غير مشاهدة أو محسوسة، أو ما لا يعلم إلا بدليل أو لم يكتشف بعد.

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}: أي بدلاً من أن يشكر الله على نعمه يكفر بها ويجحد بها.

{يُجَادِلُ}: الجدال هو الحوار الّذي يحدث بين طرفين أو أطراف؛ لإظهار حُجة؛ أي: يكون لدفع شبهة أو إثبات حق أو حقيقة.

{فِى اللَّهِ}: في آيات الله فيما أنزل الله أو فرض أو شرع، أو في العذاب، أو في أسمائه وصفاته وفي التوحيد، والبعث والآخرة والحساب منكراً إياها.

{بِغَيْرِ عِلْمٍ}: بديهي أو مكتسب أو استدلالي.

{وَلَا هُدًى}: لا: لتوكيد النّفي، هدى: نكرة أيّ هدى مهما كان نوعه، هدىً من الله سبحانه أو رسول، أو هدىً من هادٍ، أو هدى من الآيات الكونية الدالة على عظمته وقدرته.

{وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}: لا: لزيادة التّوكيد، ولا علم منزل في كتاب من السماء (أيّ كتاب) (أو عن طريق الوحي) وتكرار (لا) يفيد فصل كل واحدة عن الأخرى، العلم والهدى والكتاب المنير فليس عنده أي منها ليجادل لا علم ولا هدى ولا دليل من القرآن المنير.