المناسبة: لما خاطب الله سبحانه الكفار، والمشركين، وحذرهم بقوله: وإن تنتهوا فهو خير لكم، وإن تعودوا نعد؛ ينتقل في هذه الآية إلى خطاب المؤمنين، ويأمرهم بطاعة الله ورسوله، ويحذرهم من مخالفته؛ فقال:
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: فيما يأمرانكم به، أو ينهاكما عنه، ولم يقل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول؛ لأن طاعة الله تعالى وطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- واحدة، فطاعة الرسول هي طاعة لله تعالى، وإذا فصل بين الطاعتين إنما يشير إلى طاعة الرسول فيما يبين وما يشرح من الأمور المجملة أو غير المذكورة، وكما قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: ٧]. ارجع إلى الآية (٣١) من سورة آل عمران لمزيد من البيان.
{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ}: لا: النّاهية، تولوا عنه؛ أي: تتولوا عنه؛ أدغمت إحدى التاءَين بالأخرى، ولا تولوا عنه؛ أي: لا تعرضوا عنه، وتخالفوا أوامره
{وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ}: الآيات، والمواعظ، وما أنزل إليكم من ربكم.
آية الأنفال: استعمل تولوا بدلاً من تتولوا؛ لأن تولي المؤمنين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يتكرر، أو أقل عدداً، أو أقصر زمناً إذا حدث من تولي الكافرين، أو المجرمين؛ الّذي هو تولي كثير وعام، فالزّيادة في فعل التّولي وطوله يقابله زيادة في بناء الفعل، وحروفه؛ زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.
مع العلم: أن المخاطبين في قوله تعالى: {وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}: هم قوم عاد. ارجع إلى سورة هود، آية (٥٢).