للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة هود [١١: ٢٩]

{وَيَاقَوْمِ لَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}:

{وَيَاقَوْمِ}: نداء فيه رقة، وحنان لقومه.

{لَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا}: لا: النّافية.

{أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا}: على تبليغ الرّسالة، أو الدّعوة للإيمان.

{مَالًا}: ولم يقل تعالى: ولا أسألكم عليه أجراً هنا حدَّد نوع الأجر، ولو قال: لا أسألكم عليه أجراً (لم يحدِّد قد يكون مالاً، أو غير المال)، والأجر أعمّ من المال.

{إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}: إن: نافية، وأقوى في النّفي من (ما)؛ أجري: والأجر يعقب العمل، وقد يكون في الدنيا، أو في الآخرة، ولا يأتي الأجر إلا في سياق الخير، ولذلك جاء بها ليؤكد لهم أنّه لن يطالبهم بأيِّ أجر.

{إِلَّا}: أداة حصر؛ جاءت بعد نفي تؤكد الحصر؛ فقط أجري على الله وحده، والأجر يكون مقابل عمل، والأجر: هو ثواب عن عمل دنيوي، والأجر؛ يعني: النّفع دائماً، وأمّا الجزاء: فقد يستخدم في النّفع، والضّر، وهو أعم من الأجر، والجزاء: يكون على عمل سيِّئ، أو صالح.

{وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا}: ردٌّ على قولهم: أنؤمن لك واتبعك الأرذلون؟ وما: الواو استئنافية؛ ما: النّافية.

{وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا}: ولو بشكل عارض، أو مؤقت؛ أيْ: لا يمكن أن أطردهم مهما كان السّبب، لا في الماضي، ولا في المستقبل، ولو قال: بطاردٍ؛ لكان يعني: في المستقبل، ويحتمل أن يكون قد طردهم في الماضي.

{إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}: إنّهم: إنّ: للتوكيد.

{مُلَاقُو رَبِّهِمْ}: أيْ: كيف أطردهم، وهم سيلقون ربهم، ويخبرونه بما فعلت بهم، ويحاسبني على طردهم، وظلمهم، ومن ينصرني من الله إن طردتهم؛ فهو يدرك أنّه سيحاسب، ولو كان رسولاً.

{وَلَكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}: تجهلون حين تسألوني أن أطردهم. ارجع إلى آية الأعراف، آية (١٣٨)؛ لمقارنة قول موسى -عليه السلام- : {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، وقول لوط -عليه السلام- : {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النمل: ٥٥]. ارجع إلى سورة الزمر آية (٦٤) لبيان تجهلون، ومعنى الجهل.