للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة التوبة [٩: ١٠١]

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}:

المناسبة: في الآية (٩٧-٩٨-٩٩): ذكر أصناف الأعراب الّذين يعيشون في البادية، والصّحراء؛ بعيدين عن المدن، والقرى، ونوعية إسلامهم، وإيمانهم.

ثمّ ذكر السّابقين الأولين من المهاجرين، والأنصار، والّذين اتبعوهم بإحسان، والآن يذكر بقية الأعراب الّذين يسكنون حول المدينة المنورة، ومكة، وداخل المدينة المنورة، أمثال: قبائل جهينة، ومزينة، وأسلم، وأشجع، وغفار.

فيقول سبحانه: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ}: منافقون: جمع منافق: هو الّذي يظهر الإسلام، أو الإيمان، ويبطن الكفر. ارجع إلى سورة النساء، آية (١٣٨)؛ لمزيد من البيان.

{مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}: ترجع إلى ممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة، كلاهما مردوا على النّفاق، أو ترجع إلى أهل المدينة فقط.

{مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}: مرد: يمرد؛ أيْ: تدرب، وتمرَّن؛ حتّى أصبح النّفاق حرفتهم؛ فاستقاموا عليه، واتخذوه سبيلاً؛ حتّى ماتوا.

{لَا تَعْلَمُهُمْ}: يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-، نحن نعلمهم؛ أيْ: يخفون عليك. لا تعرف مَنْ هم؛ لأنهم شديدوا الحذر.

وفي آية أخرى يقول تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠].

{سَنُعَذِّبُهُمْ مَّرَّتَيْنِ}: لأنّهم مردوا على النّفاق، والسّين في سنعذبهم: للاستقبال القريب، المرة الأولى في الدّنيا: بالفضيحة، والهزيمة، والقتل، والتّشريد، والمرة الثّانية: حين الموت، وعذاب القبر (حياة البرزخ).

{ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}: ثمّ: للترتيب، والتّراخي.

{يُرَدُّونَ}: يرجعون إلى عذاب عظيم: هو عذاب جهنم، عذاب الحريق، أو الدّرك الأسفل من النّار. يردون: من الرّد: وهو الرّجوع، والرّد: هو الذّهاب إلى مكانٍ ما، وعدم النّية للرجوع للمكان الّذي انطلق منه، وفيه معنى: الإكراه، والإجبار على العودة.

{عَذَابٍ عَظِيمٍ}: هو أعظم أنواع العذاب على الإطلاق، وهو يشمل كلّ أنواع العذاب الأخرى الأليم، والمُهين، والشّديد، والمُقيم.