سورة البقرة [٢: ٢٦٩]
{يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}:
{يُؤْتِى الْحِكْمَةَ}: الإيتاء تعريفه، ارجع إلى الآية (٢٥١) من سورة البقرة.
{الْحِكْمَةَ}: لها معان متعدِّدة في القرآن، وحسب السياق منها: النبوة، والرسالة.
الفقه في الدِّين، أو العلم بأصول الفقه، أو العلم والمعرفة بأحكام الله.
المعرفة بالقرآن، وفهمه، وفقهه، ومحكمه، ومتشابهه.
إصابة الحق في القول والعمل؛ أي: السداد في القول، والعمل، والعلم.
والحكمة: وضع الأشياء في موضعها النافع، مع العلم والمعرفة بأحكام الشّرع.
وآلة الحكمة: هي العقل، ورأس الحكمة مخافة الله تعالى.
{يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ}: أي: كل ما أمركم به من الإنفاق، أو الأوامر، والنواهي، والوعظ، والتذكير: هو من الحكمة، فافعلوه، ومن يفعل ذلك فقد أوتي الحكمة، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا}.
{وَمَنْ}: شرطية للعاقل، ابتدائية.
{يُؤْتَ الْحِكْمَةَ}: ارجع إلى مطلق الآية لمعرفة معنى يؤت.
{فَقَدْ}: الفاء: للتوكيد، قد: للتحقيق؛ أي: زيادة التّوكيد.
{أُوتِىَ}: مبني للمجهول.
{خَيْرًا كَثِيرًا}: خيراً: نكرة؛ للتعظيم، والشمول، تشمل كل خير يتصوره الإنسان.
والخير: هو الشّيء الحلال الطيب الحسن النافع.
أي: من يؤت العلم بالقرآن، من حفظ، وفقه، وفهم، والفقه في الدِّين؛ فقد أوتي خيراً كثيراً، وأوتي الحكمة.
{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}:
{وَمَا}: النّافية، {يَذَّكَّرُ}: أصلها: وما يتذكر، ويتذكر: تستغرق وقتاً طويلاً، أما يذكر: فتستغرق وقتاً قصيراً، وفيها مبالغة في التذكير، وقوة، وعمق، وفيه حثٌّ وإيقاظ للقلب، والعقل على الإسراع إلى العلم بمعرفة ما شرع الله، وما أمر به ونهى عنه، والعمل به، والخلوص إلى مواطن الحكمة، والاتعاظ بسرعة؛ لأنّ الأجل قصير، ولا يتعظ ويفعل ذلك إلَّا أولوا الألباب.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{أُولُو الْأَلْبَابِ}: أولوا العقول النيرة الصافية الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، الّذين أحسنوا، والّذين أنابوا إلى ربهم، وأسلموا له وجوههم وقلوبهم.
{الْأَلْبَابِ}: جمع لب: وهو باطن العقل، ويعني في لغة الطب: منطقة الإدراك، والوعي، والفهم في الدماغ. ارجع إلى الآية (١٧٩)، والآية (١٩٧) من سورة البقرة لمزيد من البيان.