للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة يوسف [١٢: ١١٠]

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْـئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّىَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}:

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْـئَسَ الرُّسُلُ}: حتّى: حرف غاية نهاية الغاية.

{إِذَا}: ظرف زمان للمستقبل.

{اسْتَيْـئَسَ الرُّسُلُ}: من يأس، واستيئس: فيها مبالغة وشدة في اليأس على وزن استفعل، ولكن لم يصل إلى درجة انقطاع الأمل كاملاً من عدم إيمان أقوامهم، وتصديقهم لهم، وتسرب اليأس إليهم، ولكن الأمل لم ينقطع، ولا زالوا عندهم أمل؛ فالمؤمن سواء أكان رسولاً، أم غيره لا ينقطع أمله أبداً، وما يتسرب إليهم من اليأس أمر عارض مؤقَّت؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يَايْـئَسُ مِنْ رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧].

أما لو قال: حتّى إذا يئس الرّسل: فهذا يدلُّ على انقطاع الأمل كاملاً، وهذا غير معقول أن يحدث من أيِّ رسول بعثه الله، أو اختاره لرسالة.

{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}: لأنّ نصر الله لم يأتهم بالسّرعة الّتي أرادوها؛ مما أدى إلى تسرب اليأس إلى قلوبهم وظنوا لن يؤمن بهم أحد، أو خافوا أن يكذبهم الغير، أو ظنَّ الأتباع، والقوم أنّ الله ليس مع هذا الرّسول، ولم يؤيِّده، وفرحوا بذلك.

{جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّىَ مَنْ نَشَاءُ}: فنجي: الفاء: تدلُّ على التّرتيب، والمباشرة.

{مَنْ}: استغراقية؛ تشمل كلَّ الرّسل الّذين آمنوا.

{فَنُجِّىَ مَنْ نَشَاءُ}: عند نزول العذاب؛ فنجي من نشاء؛ أيْ: كلّ الرّسل، والّذين آمنوا.

{وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}: لا: النّافية.

{يُرَدُّ بَأْسُنَا}: عذابنا لا يردُّ: لا يستطيع أحد أن يمنع وقوع عذابنا، أو دفعه، أو تحويله، أو تغييره.

{عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}: المجرمين: الكافرين، المشركين، والعاصين الّذين لم يتوبوا، وأصبحت صفة الإجرام عندهم ثابتة. ارجع إلى سورة هود، آية (١١٦)؛ لمزيد في معنى: المجرمين، وسورة الجاثية آية (٣١).