سورة النساء [٤: ٧٣]
{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِى كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}:
{وَلَئِنْ}: الواو: عاطفة، اللام: للتوكيد. إن: شرطية تفيد الاحتمال.
{أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ}: فتح، أو نصر، أو غنيمة.
{لَيَقُولَنَّ}: اللام: لام التوكيد، والنون في يقولَنَّ: لزيادة التوكيد.
{كَأَنْ لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِى كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}:
يتمنى المنافق إذا انتصر المؤمنون لو كان معهم في القتال، ويأسف لتخلفه عنهم لا لمودة حقيقية؛ أي: حب حقيقي دائم للجهاد، والخروج في سبيل الله، وأنه تخلف هذه المرة، بل لمجرد حرمانه من حظه من الغنيمة.
{فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}: الفوز: هو الخلاص من المكروه، وقيل: المرغوب؛ أي: النجاة من النار، ونيل الجنة.
والفوز: أعم من النجاة (النجاة الخلاص من المكروه فقط).
والفوز في القرآن ثلاثة أنوع، أو درجات:
١ - الفوز العظيم: وهو أعلى درجات الفوز (الدرجة الأولى).
٢ - الفوز الكبير: وهو درجة أقل من الفوز العظيم (الدرجة الثانية).
٣ - الفوز المبين: الدرجة الثالثة.
وقد ورد الفوز الكبير في آية واحدة (سورة البروج آية: ١١)، والفوز المبين في آيتين (سورة الأنعام آية: ١٦، وسورة الجاثية آية: ١٣٠)، وجاء الفوز العظيم في بقية الآيات.
٧٤ - {فَلْيُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}:
{فَلْيُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: الفاء: استئنافية؛ ليقاتل: اللام: لام الأمر والتوكيد؛ يقاتل في سبيل الله (الجهاد أعم وأوسع من القتال)، فالجهاد له أكثر من (١٣) مرتبة؛ منها واحدة تتعلق بقتال الكفار والمشركين؛ ارجع إلى سورة العنكبوت آية (٦) لمزيد في معنى الجهاد.
{الَّذِينَ يَشْرُونَ}: شرى في القرآن تعني: باع، ويشتري تعني: الشراء الحقيقي يدفع الثمن مقابل السلعة.
{الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ}: أي: يبيعون الدنيا ليفوزوا بالآخرة، والباء: تدخل على الأهم.
{وَمَنْ يُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: من: شرطية، وتشمل المفرد والمثنى والجمع؛ في سبيل الله: أي: مخلصاً لوجه الله، وطلب الآخرة.
{فَيُقْتَلْ}:: أي: يستشهد في سبيل الله.
{أَوْ يَغْلِبْ}: أي: ينتصر على العدو، أو بمعنى التقسيم وليس التسوية.
{فَسَوْفَ}: الفاء: للتأكيد؛ سوف: للاستقبال البعيد، وأما السين: للاستقبال القريب.
{نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}: نؤتيه: من الإيتاء؛ أي: العطاء، والإيتاء: أعم من العطاء؛ ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٥١) لمعرفة الفرق بينهما؛ أجراً عظيماً: هو النجاة من النار، والفوز بالجنة؛ ونؤتيه: للتعظيم والوعد الصدق.