للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ٣٢]

{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}:

{وَمَا}: الواو: استئنافية. ما: نافية.

{الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا}: إلا: أداة حصر، وسمّاها الحياة الدنيا؛ لأن حقيقتها دنيا، وهناك حياة تقابل الحياة الدنيا؛ هي حياة عُليا، حياة الآخرة.

{لَعِبٌ وَلَهْوٌ}: ما هو اللعب، وما هو اللهو. {لَعِبٌ}: هو شغل، لا يُلهي عن واجب، واللعب يسمَّى لهواً، إذا صرفك عن عمل واجب؛ مثل: الصلاة، واللعب للأطفال دون سن (١٥) أمر طبيعي، وأما البالغ، أو الكبير إن كان يلعب لعبة وأتى وقت الصلاة، ولم يصلِّ فاللعب حينها يصبح لهواً بحقِّه، وإذا كان اللعب مفيداً له؛ كالرياضة، والسباحة، فلا حرج في ذلك، إذا لم يُشغله عن واجباته، أما إذا كان اللعب تضييع للوقت يذمُّ عليه، ويعتبر عبثاً.

{وَلَهْوٌ}: هو كل ما يُلهي عن واجب، واللهو أسوأ من اللعب.

وإذا تأملنا آيات القرآن (الأنعام آية: ٣٢)، (محمد آية: ٣٦)، (الحديد آية: ٢٠): نجد أن الله سبحانه قدم اللعب على اللهو، وفقط في آية واحدة (العنكبوت آية: ٦٤) قدم اللهو على اللعب، فتقديم اللعب على اللهو في الأنعام، ومحمد، والحديد يتماشى مع مرحلة الطفولة (اللعب)، ومرحلة الشباب والكهولة (مرحلة اللهو)، وهذا هو الأصل والأصل لا يسئل عنه، وهذا هو حقيقة الحياة الدنيا، وأما في آية العنكبوت تقديم اللهو على اللعب هو كون الآية جاءت في سياق المكلفين ولا يسئل هذا السؤال، والإجابة عليه إلا من جاوز سن اللعب واضح في سن التكليف {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [العنكبوت: ٦١].

حين يلعب الكبير بأي شيء يلهيه عن واجب؛ يسمَّى هذا لهواً.

أما إذا مارس الكبير لعب الرياضة؛ كالسباحة، والتمارين، ولم يُلهه ذلك عن واجب؛ فيسمَّى ذلك لعباً، واللهو: أعم من اللعب، ويحدث في كل زمن.

{الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}: لأنها مليئة بالشهوات التي تلهي الإنسان عن طاعة الله.

وتقديم اللهو على اللعب أسوأ من تقديم اللعب على اللهو.

{وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ}: اللام: لام التوكيد.

{وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ}: هي الجنة.

{خَيْرٌ}: أفضل.

{لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}: اللام: لام الاختصاص. اتقوا: أطاعوا أوامر الله، واجتنبوا محارمه.

{أَفَلَا}: الهمزة: استفهام، يحمل معنى الحث على الفعل، والتفكر، والتعجب، وإنكار ذلك الترك، ويحمل معنى الأمر بفعله؛ أيْ: فكروا، استنبطوا، وزنوا الأشياء والمعطيات.

{تَعْقِلُونَ}: من العقل: وهو الأداة التي تؤدِّي مهمة الاختيار ما بين البدائل, وللموازنة بين الدلائل واستنباط النتائج للوصول إلى الحقائق.