مناسبة ذكر هذه الآيات: يريد الله سبحانه أن يبين لنبيه -عليه السلام- ، ومن تبعه من المؤمنين: أن ما يطلبه كفار مكة من آيات مثل تفجر الأرض ينبوعاً، وإسقاط السّماء عليهم كسفاً، أو بيت من زخرف، أو رقي في السّماء، وإنزال كتاب، وغيرها: إنما حدث لموسى -عليه السلام- ؛ فقد آتاه الله تسع آيات؛ منها: العصا، واليد، والسنين وغيرها، فلم تغير من كفر فرعون وقومه شيئاً، ولم تردعهم، ولذلك لا فائدة من الاستجابة لكفار مكة.
{آتَيْنَا}: الإيتاء: هو العطاء مع إمكانية استرداده، وليس فيه تملك؛ أما العطاء: فيه تملك، وليس فيه استرداد؛ لأي شيء، والإيتاء: يشمل الأمور الحسية، والمعنوية معاً، والعطاء: فقط للأمور الحسية. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٥١)؛ للبيان.
{تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}: واضحات، وهي خاصة بفرعون، ويجب عدم خلطها مع الآيات الّتي أنزلت على بني إسرائيل، وهي: العصا، واليد، والسنين، ونقص من الأموال، والأنفس، والثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
أما الآيات الخاصة ببني إسرائيل: فهي النجاة من فرعون، وفلق البحر، والانفجار، وانبجاس الماء، والمن، والسلوى، ونتق الجبل فوقهم كأنّه ظلة، والغمام… وغيرها.
{فَسْـئَلْ بَنِى إِسْرَاءِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ}: والأمر كيف يسأل رسول الله بني إسرائيل الّذين جاءهم موسى؛ فقد ماتوا، وانقرضوا، ولم يبق أحدٌ منهم.
اسألهم سؤال حجة، واستشهاد، وماذا فعل فرعون وقومه بالآيات؟ فقد كذبوا وجحدوا بها. وقد يسأل سائل ما هو الفرق بين {فَسْـئَلْ بَنِى إِسْرَاءِيلَ}، و {سَلْ بَنِى إِسْرَاءِيلَ}[البقرة: ٢١١]؟ العرب: إذا بدأت بالفعل تخفف وتقول سل، وأما إذا سبق الفعل سل شيء تقول: اسأل.
{فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ}: فقال: الفاء: للتعقيب، والمباشرة؛ قال فرعون لموسى (فرعون الابن منفتاح). ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٠٣) للبيان: {إِنِّى لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا}؛ أي: سحرك غيرك؛ أي: كانت نتيجة إرسال التسع آيات اتهام موسى بالسحر؛ كذلك يسألك قومك من الآيات فقط للّج، والجدال، كما حدث لموسى -عليه السلام- .