في الآية (٢٢) قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: الآلهة المزعومة الّتي لا تملك لكم الشّفاعة.
وفي هذه الآية (٢٤) قال تعالى: {مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: والآلهة المزعومة لا ترزقكم أيضاً.
{قُلِ}: قل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمشركين من أهل مكة وغيرهم عبَدَة الأصنام والأوثان.
{مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: من: للاستفهام والتّقرير، ومن: للعاقل وتشمل المفرد والجمع؛ يعني: من يرزقكم المطر والشّمس والطّاقة والرّياح، ومن الأرض: مثل النّبات والحب والأرز والمعادن والثّمار والبترول والغاز والذّهب والفضة وغيرها.
قل الله: أي إذا لم يجيبوا على سؤالك، قلِ: الله، وإذا أجابوك وقالوا: الله، أقيمت عليهم الحجة فقل لهم: فلمَ تعبدون سواه، ولا تؤمنون به وحده؟
{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ}: انتبه هنا قدّم إنّا على إياكم وقدّم الهدى على الضّلال، إنّا تناسب الهدى، وإنّا لعلى هدى أو إياكم وأنتم في ضلال مبين، والهدى والضلال من المتناقضات والمتناقضان لا يجتمعان أبداً؛ أي: إن كان أحدنا على الهدى فلا بُدَّ أن يكون الآخر في الضلال ولا ثالث لهما.
واستعمل لعلى هدى (على) تفيد الاستعلاء؛ لأنّ الّذي على الهدى كأنّه راكب على مطية اسمها الهدى لكي توصله إلى غايته، وهو متمكن منها على ظهرها لا يخاف السّقوط أو الانحدار، ولم يقل أو على ضلال مبين وإنما قال: في ضلال مبين؛ لأنّ الضّلال هو انحدار وسقوط والضّال عادة يكون منغمساً في الظّلمات وليس بخارج منها.
والضّلال المبين: الضّلال الظّاهر والواضح لكلّ فرد يريد أن يطّلع عليه، والمبين يعني: الواضح بنفسه لا يحتاج إلى أحد حتّى يظهره.
وهذا من أدب الحوار مع غير المؤمنين لإقناعهم بخطئهم حتّى يقرّوا بأنفسهم ويعلموا الحق.