بعد أن سمع اعتذار أخيه، وأنه حاول صدهم عن اتخاذ العجل؛ راح موسى -عليه السلام- يستغفر الله لنفسه ما قاله، وفعله بأخيه هارون، ويستغفر لأخيه كذلك عما حدث منه من تقصير في صد قومه عن عبادتهم للعجل، ويسأل ربه أن يدخلهما في رحمته، ويقول:{فِى}: الظرفية، {رَحْمَتِكَ}: أيْ: هو وأخوه، كان سابقاً في رحمة الله؛ أيْ: وأدخلنا في رحمة أخرى، أو رحمة جديدة.
{وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}: الراحمين: جمع راحم، فهناك من البشر من يرحم، ولكن الله سبحانه هو أعظم الراحمين، أو أفضلهم.
{أَرْحَمُ}: على وزن أفعل، ومن يرحم الناس يسمَّى: رحيماً، وراحماً، فالله سبحانه أوصى خلقه بالتراحم، كما كتب على نفسه الرحمة، وكما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ»[متفق عليه], وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١٥٥) في نفس السورة وهي قوله تعالى على لسان موسى: {فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}: نجد أن في آية الاعراف (١٥١) قال موسى: (رب اغفر لي ولأخي، وفي الآية (١٥٥) قال موسى: (فاغفر لنا) إذن طلب المغفرة في كلا الآيتين، والمغفرة تدل على ذنبٍ كبيرٍ، أو صغيرٍ، وطلب الرحمة في كلا الآيتين، وفي الآية (١٥٥) ذكر خير الغافرين؛ لأن ذنب الذين اتخذوا العجل كان أعظم مما حدث بين هارون وموسى.