{أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: أن: للتوكيد. من السماء: كل ما علا الإنسان يُعد سماء، فالسحب تسمى سماء؛ أي: من السُّحب الركامية. هذه الآية تشير إلى دوران الماء حول الأرض، والذي يتشكل من بخار الماء من البحار والمحيطات واليابسة بمقدار (٦٠٠, ٠٠٠ كم٣) سنوياً، والذي تحمله الرياح ويشكل السُّحب الطباقية، والّتي تتراكم لتشكل السُّحب الركامية الّتي تنزل المطر بعد التّلقيح برياح أخرى.
{فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}: الفاء للترتيب والتّعقيب، الأرض مخضرّة؛ أي: ذات خضرة بعد أن كانت هامدة يابسة، ثمّ اهتزت وربت بالماء وأنبتت من كلّ زوج بهيج، قال (فتصبحُ) بالضم بدلاً من فتصبحَ بالفتح؛ لأنّه سبقها استفهام بألم، فبذلك أثبت الاخضرار، أو عطف المضارع المستقبل (تصبح) على الماضي (أنزل) لحكاية الحال؛ أي: لاستحضار تلك الصورة الجميلة (الأرض مخضرة) والدالة على قدرة الله تعالى، وربما تدل على استمرار اخضرار الأرض لزمن طويل؛ يعني: أصبحت فبذلك أثبت الاخضرار، فالتربة تحوي ملايين الكائنات الخامدة أو الراكدة، وبمجرد نزول المطر تحيا هذه البذور وتنمو بامتصاص الغذاء الّذي أذابه الماء، فتمتصه بجذورها وتخرج السويقة ثمّ الأوراق الّتي فيها مادة اليخضور. ارجع إلى الآية (٥) من السّورة نفسها، وسورة الأنعام آية (٩٩) لمزيد من البيان.
{إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}: إنّ للتوكيد.
لطيف: اللطيف؛ يعني: يعلم أدق الأشياء والأمور والمخلوقات الّتي يصعب رؤيتها بأيِّ وسيلة ومهما لطفت؛ أي: صغرت ودقّت يعلم أماكنها وأحوالها وأسرارها أينما كانت ووجدت، وهو سبحانه لا تدركه الأبصار؛ لأنّه لطيف يصل علمه إلى كلّ خفي أو ظاهر. لطيف بعباده يبرّهم ويحسن إليهم.
لطيف: لها معانٍ عدَّة منها: أنّه يعلم أدقّ وألطف المخلوقات أو الأشياء والأمور مهما دقّت وصغرت، والّتي يصعب رؤيتها بالعين وتناهت في الصغر يعلم أين توجد وكيف يجدها، ويعلم أسرارها وأحوالها وأماكنها.