لنذكر كيف بدأت السّورة بقوله تعالى:{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وها هي السّورة تنتهي بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} أي: من أجل إعلاء كلمتنا أو ديننا أو نصرة رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.
جاهدوا فينا: أي من أجلنا؛ أي: سبيلنا مخلصين لوجه الله.
جاهدوا بالقول أو بالفعل أو بالنّفس، أو جاهدوا العدو، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وجاهدوا في طاعة الله.
{لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}: جمع سبيل: سبل الهداية أو سبل الخير، اللام والنّون في (لنهدينهم) للتوكيد، لنهدينهم: أي لندلنّهم على سبلنا؛ أي: الطّرق الموصلة إلينا؛ أي: للغاية العظمى سعادة الدّارين ورضوان الله تعالى، وهي سبل مثل: سبيل الصّلاة والصّيام والإنفاق، وسبل الخير والصّلاح والطّاعة وكل هذه السّبل تؤدي إلى سبيل واحد؛ أي: دين واحد هو الإسلام وهو الصّراط المستقيم، وكلمة (سبلنا) وردت عشر مرات في القرآن.
{وَإِنَّ اللَّهَ}: إن للتوكيد.
{لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}: اللام في (لمع) للتوكيد، ومع: تفيد المعية، ومعية الله سبحانه لا أعظم منها معية. وبدلاً من القول: وإنّ الله لمع المجاهدين، قال: مع المحسنين؛ لأنّ الّذين جاهدوا في الله سبحانه وصلوا وأصبحوا في مقام المحسنين، أو هم فئة من فئات المحسنين. ارجع إلى الآية (١١٢) من سورة البقرة للبيان، وارجع إلى الآية (٦) من نفس السورة لمزيد من البيان.