المناسبة: بعد ذكر قصة داود وسليمان وقصة قوم سبأ يعود سبحانه لمخاطبة مشركي قريش فيقول:
{قُلِ}: قل لهم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قل للمشركين من قريش وغيرهم.
{ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِ اللَّهِ}: ادعوا: أي نادوا على هؤلاء الأصنام والآلهة أو غيرهم من الّذين زعمتم أنّهم شركاء، الّذين: اسم موصول يفيد الذّم والتّحقير، الّذين: تفيد المعرفة؛ أي: ادعوا شركاءكم الّذين زعمتم: من الزّعم وهو القول غير المستند إلى دليل وأكثر ما يقع الزّعم في الباطل، من دون الله: من غير الله من الأصنام والآلهة، نادوهم ليكشفوا عنكم الضّر أو ينفعوكم أو ادعوهم ليستجيبوا لكم فهم لا يضرون ولا ينفعون، قل ادعوا: وهل دعوا كما قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ طبعاً لا؛ لعلمهم أنّ هذه الأصنام أو الآلهة لا تسمع ولا تبصر ولا تجيب فهم لم يدعوا، ولنفرض أنّهم دعوا آلهتهم واستجابوا وسمعوا فإنّهم لا يملكون مثقال ذرة في السّموات ولا في الأرض ليكونوا شركاء، ارجع إلى سورة يونس الآية (٦١) لبيان معنى ذرة.
{لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلَا فِى الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ}: لا يملكون ذرة بشكل مستقل (خاص) ولا يملكون ذرة بشكل شراكة مع الله، وتكرار لا: يفيد النّفي، وما لهم: تعود على الآلهة والأصنام وما يعبدون من دون الله، فيهما: في السّموات والأرض من شرك اسم بمعنى المشارك أو الشّريك ولو بأدنى نسبة كالذرة، وما له: أي لله تعالى، له: اللام لام الاختصاص، منهم: من هؤلاء الشّركاء.
{مِنْ ظَهِيرٍ}: من استغراقية، ظهير: أي مُعين على أيّ شيء مهما كان، ظهير: مشتقة من الظّهر وهو أقوى الأعضاء للحمل؛ أي: يحمل عنك: يُعينك في حمل الأثقال، من ظهير: معين يحتاج الله سبحانه إليه أو بحكم حاجة الرب إليه يدعوه يشفع.
إذن فلمَ تعبدونهم وهم لا يملكون ذرة في السّموات ولا في الأرض؟! وأيضاً ليسوا شركاء وليسوا شفعاء، ولا ينفعوكم ولا يضرون، ولو بمقدار ذرة في السّموات والأرض، فمسألة الشّركاء مسألة باطلة.