للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنفال [٨: ٤١]

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِنْ شَىْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}:

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا}: أيها المسلمون: أنما: أن: للتوكيد، ما: شرطية، أو اسم موصول؛ بمعنى: الّذي.

{غَنِمْتُم}: من الغنيمة؛ أي: أخذتم من أموال الكفار بالقتال، والقهر، والحرب «هذا يُسمَّى الأنفالَ»، وما غنمتم من أموال الكفار من دون قتال «هذا يُسمَّى الفيءَ»؛ فالغنيمة قد تكون نفلاً، أو فيئاً.

{مِنْ شَىْءٍ}: من: استغراقية؛ تشمل كلّ شيء غنمتموه قليلاً، أو كثيراً مهما كان نوعه، أو قيمته.

{فَأَنَّ}: الفاء: جواب الشّرط؛ تفيد التّوكيد.

{لِلَّهِ خُمُسَهُ}: اللام: لام الاختصاص، والتّعليل. خمسه: والسّؤال كيف يكون لله خمسه مع العلم أن لله ما في السّموات، وما في الأرض، وهو مالك الملك؟ قيل: ذكر اسم الله هنا؛ للتشريف، والبركة.

{وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}: الواو: في كلّ هؤلاء عاطفة. إذن () لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كما أجمع أكثر المفسرين، فالغنيمة، أو الأنفال تقسم إلى خمسة أخماس: أربعة أخماسها توزع على المقاتلين، والخُمُس الباقي لهؤلاء الخمسة بما فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد وفاته نصيبه هو لصالح المسلمين، والثّابت: أنّ الغنائم لم تكن تحل لأحد من الأنبياء قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

{وَلِذِى الْقُرْبَى}: أيْ: سهماً من خُمُس الخُمُس لذوي القربى: وهم أقارب النّبي -صلى الله عليه وسلم-: بنو هاشم، وبنو المطلب، حسب قول الإمام الشّافعي مستنداً إلى حديث في صحيح البخاري.

{وَالْيَتَامَى}: وهم الأطفال الصّغار من المسلمين من لا أب له.

{وَالْمَسَاكِينِ}: أهل الفقر، والحاجة من المسلمين.

{وَابْنِ السَّبِيلِ}: المسافر البعيد عن ماله، أو الّذي فقد ماله، ولم يبقَ معه شيئاً، ويُسمَّى ابن السّبيل؛ أيْ: ابن الطّريق؛ فهو بحاجة للمساعدة، وكما قلنا أربعة أخماس الغنيمة الباقية توزع على المقاتلين: للفارس مثلاً: سهمان، أو ثلاثة أسهم، وللراجل: سهم واحد، هذا هو قول أكثر أهل العلم، وهذا تغيَّر في عصرنا الحديث؛ فالدّولة هي المسؤولة عن كلّ ذلك، والجنود هم موظفون عند الدّولة، ولهم أجرهم.

{إِنْ}: شرطية؛ تفيد الاحتمال، أو النّدرة.

{كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}: فاعلموا أنما غنمتم من شيء فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، والأربعة أخماس الباقية توزع على المقاتلين.

{إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ}: بالله: الباء: للإلصاق، إيمان العقيدة.

{وَمَا أَنزَلْنَا}: الواو: عاطفة، ما: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي.

{عَلَى عَبْدِنَا}: محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وهو ألف من الملائكة المردفين، والمطر، والنّعاس، والإيحاء بالضّرب فوق الأعناق، والبنان.

{يَوْمَ الْفُرْقَانِ}: يوم بدر، وسُمِّي يوم الفرقان؛ لأنّه فرق بين أهل الحق، وأهل الباطل؛ معسكر الإيمان، ومعسكر الكفر، والشرك.

{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}: تكرار يوم؛ يفيد التّوكيد، توكيد عظمة ذلك اليوم، يوم التقى: جمع المسلمين بجمع الكافرين من قريش على ماء بدر.

{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}: قادر على الجمع بينهما، وقادر على أن يجعل فئة قليلة تغلب فئة كثيرة؛ أي: لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السّموات.