المناسبة: بعد أن ذكر الله سبحانه حال المجرمين يوم القيامة وكيف نسوا لقاء يوم القيامة وكيف سينساهم الله، يذكر حال أهل الطّاعة والإيمان وما يتقربون إليه به من النّوافل والسّجود والتّهجد في الليل والدّعاء والتّضرع إليه فيقول:
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ}: تتجافى: اشتقّت من: جفا السّرج عن الفرس؛ أي: رفع السّرج عن الفرس وتجافى عن مكانه إذا لم يلزمه؛ أي: يتركوا فُرُش نومهم ليعبدوا الله. وقيل: تتجافى من الجفوة: التّرك مع كراهية المتروك؛ أي: سُررهم؛ أي: يتركون فُرشهم بدون تردّد مسرعين ليقوموا إلى لذة أعظم وأبقى وأحب إلى قلوبهم من لذة الفراش؛ وهي لذة قيام الليل والاتصال بالخالق ومناجاته والتّبتل إليه، جنوبهم: جمع جنب وهو: شقّ الإنسان ويراد به الشّخص.
{عَنِ}: حرف جر يفيد التّجاوز والابتعاد؛ أي: يبتعدون بجنوبهم عن مضاجعهم.
{الْمَضَاجِعِ}: جمع مضجع وهو: مكان النّوم أو الاتّكاء.
{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا}: بالاستغفار والتّوبة والحمد والشكر، خوفاً مما حدث منهم من تقصير في جنب الله أو مما أخطؤوا بغير عمد أو نسوه خوفاً من عقابه وعذابه، يدعون: جاءت بصيغة المضارع لتدل على التّجدد والتّكرار، وطمعاً في رحمة ومغفرة ربهم ورضوانه وجنته.
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}: من بعضية؛ أي: ينفقون من بعض أموالهم كالزكاة أو الصدقات. ارجع إلى الآية (٣) من سورة البقرة للبيان.