سورة يونس [١٠: ٥]
{هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}:
{هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً}: هو: ضمير منفصل؛ يفيد الحصر؛ هو وحده لا غيره.
{الَّذِى}: اسم موصول.
{جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً}: والجعل يكون بعد الخلق، وهو التّصيير؛ أيْ: خلق الشّمس، وهي نجم؛ أيْ: فرن نووي عملاق؛ مركب من غاز الهيدروجين بنسبة (٧٥%)، والهليوم بنسبة (٢٤%)، وتبعد الشّمس عن الأرض (١٥٠ مليون كم)، وهي أهم مصدر للحياة على كوب الأرض.
{ضِيَاءً}: أيْ: مصدراً للضوء، والدفء للكائنات الحية كلها: الإنسان، والحيوان، والنبات، ولولا الشّمس لما استقامت الحياة على الأرض، وفي كلّ شهر شمسي نجد أن الشّمس تقع في برج من البروج؛ فهي وسيلة لتحديد الزّمن أيضاً.
{وَالْقَمَرَ نُورًا}: القمر: هو الجرم السماوي الوحيد الّذي يدور حول كوكب الأرض دورة كاملة في كلّ (٢٧, ٣ يوم) تقريباً، ويأخذ (٢٩ يوماً) ليدور حول نفسه ويظهر لنا كهلال، ويعتبر القمر خامس أكبر الأقمار الطبيعة الموجودة في المجموعة الشمسية، ويبعد عن الأرض حوالي (٣٨٤، ٠٠٠كم)، ويستمد ضوءُه من الشّمس، ونسبة قليلة من أشعة الأجرام الأخرى، وقطر القمر يساوي ربع قطر الأرض، والقمر ليس مضيئاً بحد ذاته، وإنما يعكس الضّوء الواقع عليه من أشعة الشّمس، ويسمَّى ذلك نوراً، فهناك فرق بين الضوء والنور.
وأما الضياء، أو الضوء الذي تصاحبه حرارة مقارنة بالنور الذي ليس فيه حرارة فهي إضاءة صادرة عن مصدر مشتعل بحد ذاته، أو مضيء بذاته؛ كالشمس، والنجوم، والنّور أوسع، أو أعم من الضّياء، والضّياء: حالة جزئية من حالات النّور، والنور حين يشتد يسمى ضياءً (أو فرط الإنارة).
والضّياء: هو حالة من حالات اشتداد النّور.
فالنّور حين يشتد يسمَّى ضياءً، وفرط الإنارة يسمَّى ضياءً.
{وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ}: منازل القمر هي: مواضع تحركه في مداره حول الأرض بين الشّمس والأرض، ومنازل القمر هي: المحاق، والهلال المتزايد، والتربيع الأوّل، والأحدب المتزايد، والبدر، والأحدب المتناقص، والتربيع الثّاني، والهلال المتناقص. ارجع إلى سورة ياسين آية (٣٩).
{لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}: وتبعاً لتغير هذه المواقع تتغيَّر صورته الّتي نراه عليها خلال الشهر (أوله، وسطه، آخره)، والتقدير الشهري يكون بالقمر، والتقدير اليومي يكون بالشمس.
{لِتَعْلَمُوا}: اللام: لام التّعليل.
{عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}: فدورة القمر حول الأرض دورة كاملة يحدد لنا الشهر، وكلّ (١٢ دورة) قمرية تحدد لنا السنة القمرية، وكلّ سنة قمرية أقل من السنة الشمسية بـ (١١ يوماً)، ودورة الأرض حول محورها (نفسها) يحدد لنا اليوم، وسنة المسلمين سنة شمسية قمرية معاً، ويحدد وقوع الشّمس في برج من الأبراج الاثني عشر الشهر الشمسي، وهناك أبراج للزينة، وأبراج تساعد على معرفة الاتجاهات. ارجع إلى سورة الإسراء آية (١٢)، وسورة الحجر آية (١٦)، وسورة الرحمن آية (٥)، وسورة إبراهيم آية (٣٣) للبيان المفصل في السنة الشمسية والسنة القمرية.
{مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ}: ما: النّافية.
{خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ}: أي: الشّمس، والقمر، والسّماء، والأرض، والليل، والنّهار، والضّياء، والنّور؛ إلا بالحق.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{بِالْحَقِّ}: الأمر الثّابت الّذي لا يتغيَّر (لا خلاف فيه)؛ بالصّدق.
{يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}: يفصل الآيات؛ مثل: كروية الأرض يبيِّنها في آيات أخرى؛ مثل: الليل، والنهار، والضياء، والنور. ارجع إلى سورة الأنعام، آية (٥٥)؛ للبيان.
{لِقَوْمٍ}: اللام: لام الاختصاص.
{يَعْلَمُونَ}: العلم عملية نهائية تسبقها عملية الفقه، والتفكر، والتدبر، والعقل، ثمّ العلم. العلم بالحقائق الكونية الدّالة على وجود الخالق الحقّ الواحد، واجب الوجود.