للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة آل عمران [٣: ٢٧]

{تُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}:

{تُولِجُ}: من الولوج وهو الدخول.

{الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ}: من الناحية العلمية: الولوج: إشارة إلى كروية الأرض، وإلى دورانها حول محورها، وحول الشمس، وإلى تبادل الليل والنهار؛ الذي هو من ضروريات استقامة الحياة على الأرض، ومن الناحية اللغوية: الولوج: هو تداخل الليل في النهار بحيث إذا قصر أحدهما طال الآخر، كما نرى في فصل الصيف والشتاء.

{وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}:

لم يعد تفسير هذه الآية في ضوء الاكتشافات العلمية مطابقاً لما قيل قديماً؛ حيث اكتشف العلماء: أن لكل شيء في الوجود حياة مناسبة له، فكل الجمادات والنباتات لها حياتها، فمثلاً: البذرة، أو البيضة، أو الحبة: فيها أجنة في حالة همود، أو سكون، أو لا تتحرك ومجرد ما توفرت له الأسباب الحياتية، أو الظروف البيئية الخاصة من تروية، أو غذاء ينمو ويتحرك، فالبذرة لها نقير؛ أي: فتحة يحيط بها غلاف من المواد الغذائية، فإذا دخل الماء إليه يذيب المواد الغذائية، وتبدأ البذرة بالتغذي بهذه المواد، فتنمو، ويخرج لها جذور تربطها بالتربة فتتغذَّى من التربة، ويصبح لها ساق وأوراق تحمل مواد التربة إليها، وتصبح تتغذَّى بذلك، وتحول تلك المواد إلى ثمار.

إذن: هذه المواد الكيماوية المشكلة لعناصر التربة، أو المواد الغذائية المحيطة بهذه البذرة التي تمثل الجنين تتحول إلى خلايا حية تنمو، وتثمر، ثم يموت هذا النبات، ويعود إلى تراب الأرض، فبذلك تحول من حي إلى ميت، وبعد ذلك يتحول تراب الأرض إلى غذاء مرة أخرى، فيخرج منه بذرة أخرى، أو جنين آخر، وهكذا وكذلك الإنسان يخلق من تراب ويعود إلى تراب. وإذا نظرنا إلى الآيتين (٢٦-٢٧) تؤتي الملك، تنزع الملك، تعز وتذل، تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت، والميت من الحي: كلها تشير إلى تغيرات لا يقدر عليها إلا الله سبحانه، وهي تدل على عظمة قدرته سبحانه، وتشير أنه الخالق الذي يجب أن يُعبد ويطاع.