هذه الآية:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} والآية (٢٢) من سورة الحديد: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَّبْرَأَهَا}، والآية (٣٠) من سورة الشورى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}، أو:{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}[القصص: ٤٧].
هذه الآيات تشير إلى أن كل مصيبة مكتوبة في كتاب (اللوح المحفوظ) وتحدث بما كسبت أيديكم ولا تحدث إلا بإذن الله؛ أي: بعلمه وتقديره، وهذه المصائب تصيب الأرض أو تصيب الأنفس مما تسمى الكوارث الطبيعية أو الأوبئة والأمراض وقلة الغذاء والحروب والويلات.
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ}: ما النّافية، أصاب: حدث ووقع، من: استغراقية تستغرق كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر، في النّفس أو الولد أو المال أو الأهل، أو الكون أو البيت أو المركب (السيارة والطائرة أو الفلك).
{إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}: إلا أداة حصر، بإذن الله: بإرادته ومشيئته وبعلمه وتقديره، وكلمة بإذن الله: تأتي في القرآن في سياق الأعمال التي لا دخل لنا فيها؛ أي هي بتدبير من الله تعالى مقارنة بقوله تعالى إلا ما شاء الله التي تأتي في سياق الأعمال التي لنا دخل فيها، أو نقوم بها بأنفسنا.
{وَمَنْ يُؤْمِن بِاللَّهِ}: من: شرطية، يؤمن بالله: ارجع إلى الآية (٩) من السورة نفسها، يؤمن بالله ويصبر عند المصيبة ولا يجزع أو لا يسخط، ويرضى بقضاء الله وقدره.
{يَهْدِ قَلْبَهُ}: يطمئن قلبه ويثبّته؛ ليزداد صبراً ويعلم أنّ هذا ابتلاء من الله تعالى، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}: بأحوال العبد وما يصيبه من ألم وحزن ومرض وحمى وهمّ وغمّ، وما يقع في كونه من عواصف ودمار وتخريب وكوارث جوية أو بيئية، فلا تخفى عليه خافية.
وإذا قارنّا الآية (١١) من هذه السورة: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} مع الآية (٢٢) من سورة الحديد: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنفُسِكُمْ} نرى: أنه فصل, وبيّن في آية الحديد أين تقع المصيبة، وفي آية التغابن أجمل.