سبب النزول: قيل: نزلت في حق طعمة بن أبيرق؛ لما هرب إلى مكة، ومات على الشرك وهذا قول الجمهور.
وقيل: كما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : أن شيخاً من الأعراب جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني منهمك في الذنوب إلّا أني لم أشرك بالله منذ عرفته، وإني لنادم مستغفر، فما حالي؟ فنزلت هذه الآية.
ولا بد من مقارنة هذه الآية (١١٦) في سورة النساء مع الآية (٤٨) في نفس السورة لنجد تشابه الآيتين والاختلاف في نهاية كل آية؛ فالآية (١١٦) يقول الله تعالى: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}، وأما الآية (٤٨) يقول الله تعالى: {فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}؛ فالآية (٤٨): نزلت في سياق اليهود وتحريفهم للتوراة، وافترائهم على الله فكانت خاتمة الآية:{فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}، وأما الآية (١١٦): نزلت في سياق كفار مكة وضلالهم، وعبادة الأصنام فكانت خاتمة الآية:{فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}.
وتختلف نهاية هذه الآية عن الآية (٤٨) بقوله: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}.
{فَقَدْ}: فالفاء: رابطة لجواب الشرط. قد: للتحقيق، والتوكيد.
{ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}: ابتعد عن طريق الحق إلى غاية الابتعاد قليلاً ما يُرجى لصاحبه الاهتداء، والرجوع من الضلال. وضل: مصدرها الضلال، وأضل: مصدرها الإضلال، وضلالاً: جمعت المعنيين الإضلال والضلال، ومعنى ذلك: أن الشيطان يريد أن يضلهم، وأن يشاركوا هم بأنفسهم في الضلال، وأن يسلكوا سبل الضلال المختلفة.