{يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ}: الخطاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يُحزنك قولهم: أنك شاعر أو مجنون أو كاهن أو ساحر، والحُزن: الغمّ النّفسي المؤقت بعكس الحَزَن: الدّائم المستمر حتّى يأتي الأجل، فالله سبحانه ينهى القول أن يُحزن رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكأنّه يقول: يا أيّها القول، لا تُحزِن رسولي، أو لا تحزن يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما يقولونه.
{إِنَّا}: للتعظيم.
{نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ}: ما اسم موصول بمعنى الّذي أو مصدرية، نعلم إسرارهم أو ما أسرّوه وما أعلنوه، وتدل على التّجدد والتّكرار.
ما يسرّون من القول والفعل، يسرّون: من السّر، وهو القول الخفي الّذي لا يعلمه إلا صاحبه.
{وَمَا يُعْلِنُونَ}: وما يعلنون من القول والفعل، وتكرار (ما) يفيد توكيد القول والفعل من العلن: وهو الإظهار والجهر.
والسّر مقدّم على العلن؛ لأنّ كلّ قول أو فعل يُسرّ أوّلاً ثمّ يُعلن ثانياً فمن حيث التّرتيب السّر أسبق من العلن، ما يسرون من النّفاق أو العقائد الفاسدة والبدع والفواحش والمحرمات، وما يعلنون من الإيمان أو الكفر، والله يعلم منذ الأزل ما يسرّون وما يعلنون، وذكر أنّه يعلم ما يسرون وما يعلنون للتهديد والإنذار؛ للتهديد والتّحذير وإقامة الحجة عليهم، وفي هذه الآية تطمينٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ الله يعصمه من مكر وكيد الّذين كفروا. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٦٥) في سورة يونس وهي قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}: نجد أن آية ياسين نزلت أولاً وآية يونس نزلت بعد ذلك فيكون الجمع بينهما لا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرك وما يعلنون وأن العزة لله جميعاً.