للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ٢٥]

{وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}:

{وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُ}: عن قصدٍ، وعمدٍ، أما لو قال: يسمع إليك؛ فقد يكون سمعه عرضاً، من دون قصد.

{وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}: لا لكي يتبيَّن له الحق والهداية، ولكن للاستمرار في الكفر، والتكذيب، والعناد, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٤٢) في سورة يونس وهي قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}: جاءت في سياق قلة المستمعون، وأما يستمعون إليك جاءت في سياق الكثرة.

{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}: أغطية، وحُجُب أن يفقهوه.

{أَنْ}: حرف مصدري؛ يفيد التعليل، والتوكيد؛ أيْ: لئلّا يفقهوه؛ أي: القرآن.

{وَفِى آذَانِهِمْ وَقْرًا}: صمم، وثقل، فلا يسمعونه سماع قبول.

ولم نجعل على قلوبهم أكنة، وفي آذانهم وقراً، قهراً عنهم، بل هم الذين اختاروا الكفر سبيلاً، واستمروا فيه. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٨٨)؛ لمزيد من البيان.

{وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا}: وإن يروا كل آية قرآنية، أو كونية، أو معجزة، لا يؤمنوا بها، لا يصدقوها، وكل آية دالة على صدق الرسول، يجحدون بها، وينكرونها.

لنقارن هذه الآية من سورة الأنعام، مع الآية (٤٢) من سورة يونس.

في سورة الأنعام؛ يقول -جل وعلا- : {يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}، وفي سورة يونس: {يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}، والفرق بين الآيتين: {يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}: تدل على قلة عدد المستمعين، قيل: كانوا (٥-٧)، وأما {يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}: فتدل على كثرة عدد المستمعين.

{حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}:

{حَتَّى}: حرف غاية، نهاية الغاية.

{إِذَا}: ظرف للمستقبل، وشرطية.

{جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ}: حضروا عندك. يجادلونك: الجدال هو الحوار بين طرفين أو أكثر؛ لإثبات حق أو حقيقة، أو إظهار حجة، أو دفع شبهة، وقد يحدث فيه مشادة ومخاصمة.

{يُجَادِلُونَكَ}: ولم يقل: جادلوك، بصيغة الماضي، بل بصيغة المضارع؛ لتدل على استمرار جدالهم، وأن جدالهم لم يتوقف بعد، وإضافة النون في كلمة: {يُجَادِلُونَكَ}: ولم يقل: يجادلوك، تدل على التوكيد.

{يَقُولُ}: جاء بالفعل المضارع؛ ليدل على تجدد قولهم، والاستمرار فيه، ولم يقل: قالوا.

{الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا}: إن: حرف نفي؛ أيْ: ما هذا؟ وإن: أشد نفياً من (ما).

{هَذَا}: الهاء: للتنبيه، وذا: اسم إشارة، ويدل على القرب، ويشير إلى القرآن الكريم.

{إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}: إلّا: أداة حصر؛ أي: القرآن ما هو إلا أساطير الأولين؛ أيْ: جمع أسطورة، وأكاذيب، وخرافات، أمليت عليه، أو طلب كتابتها، وتعني كله، جميع ما فيه، كل آية وكلمة من أساطير الأولين؛ الذين جاؤوا من قبل، وانقرضوا، وماتوا.