ثمّ يذكر الله سبحانه أدلة على قدرته على البعث وإحياء الموتى ويبدأ بآية الأرض الميتة.
{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ}: آية كونية؛ لهم: اللام: لام الاختصاص والملكية لهم خاصة، وليس لغيرهم؛ لهم: تعني لكل الناس، وليست لقوم دون قوم مقارنة بقوله تعالى:{هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}[الأعراف: ٧٣]؛ أي: هذه آية خاصة لكم لا لغيركم. الأرض الميتة: بسكون الياء التي تدل على أن الأرض قد ماتت فعلاً، بينما تشديد الياء: يدل أنها لا زالت على قيد الحياة وستموت إذا لم يصلها الماء؛ أي: الأرض القاحلة الجرداء لا نبات فيها ولا زرع. وبدأ بالأرض؛ لأنها أقرب إليهم ويعيشون فيها.
{أَحْيَيْنَاهَا}: بماء المطر، الّذي يتكون من تبخر ماء البحار والمحيطات الّذي يصعد في السّماء فيرسل الله الرّياح الّتي تحمل هذا البخار على شكل سحب وهذه السّحب لا تنزل أيّ مطر حتّى يرسل الله سبحانه ريحاً تحمل هباءات الغبار لتلقح ذرات بخار الماء فيتكثف ويشكل السّحب الرّكامية الّتي تنزل المطر. ودورة الماء على الأرض تقدر بـ (٦٠٠ ألف كم٣) من الماء سنوياً تأتي من تبخر مياه البحار والمحيطات وهناك (١٠٠ ألف كم٣) تأتي من تبخر مياه اليابسة ثم تنزل هذه بزيادة (٦٥ ألف كم٣) فيصبح ما ينزل على اليابسة (١٦٥ ألف كم٣) وهذه الزيادة تؤخذ من مياه البحار والمحيطات وما يزيد أو يطفو على الأرض يعود إلى البحار والمحيطات.
{وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا}: بدأ بالحب؛ لأنّه أصل القوت، وأهم أنواع الحب: القمح والشّعير والرّز والذّرة، والحب: هو من أهم مقومات القوت على الأرض يصنع منه الخبز.
{فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ}: قدّم الجار والمجرور ليدل على الاهتمام؛ لأنّه الغذاء الرّئيسي وكأن الأغذية بدون الحب، ليست غذاء، يأكلون: بصيغة المضارع لتدل على التّجدد والتّكرار والاستمرار على وجه الدّوام، وقدّم الحب على الفاكهة في الآية (٣٤) لأنّ الحب هو الأهم، أهم من الفاكهة (النّخيل والأعناب).