هذا هو النداء الثّالث في هذه السّورة إلى النّاس. ارجع إلى الآية (٣) لبيان معنى يا أيّها النّاس.
{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}: أنتم تفيد التّوكيد، الفقراء جاء بأل التّعريف ليشمل الكل، كلّ النّاس، ولو قال: أنتم فقراء يعني: بعضكم فقراء إلى الله وبعضكم غير فقراء.
وعرَّف الفقراء للمبالغة في فقرهم فهم شديدو الافتقار إلى الله وسائر الخلائق.
أنتم الفقراء: أيْ: أنتم خاصة المفتقرون إلى الله سبحانه، والله ليس بمفتقر لكم؛ لأنّه سبحانه غني عنكم وعمن في الأرض جميعاً.
أنتم الفقراء إلى الله على الإطلاق، أي: المحتاجون إليه في جميع أمور الدِّين والدّنيا. فقراء إليه حتى في تنفسكم الهواء (الأوكسجين)، وماءكم، وطعامكم، ونومكم، وبعثكم، وحياتكم، وإلى شمسه وليله ونهاره وكل شيء.
{وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ}: هو تفيد التّوكيد والحصر، واستعمال هو حتّى لا يظن أحدٌ أنّه يشاركه في الغنى.
الغني: لأنّ له ما في السّموات وما في الأرض، وإن من شيء إلا عنده خزائنه، ولا تنفد خزائنه، الغني عن خلقه وعن عبادتهم. ارجع إلى سورة الحديد آية (٢٤) للبيان.
الحميد: أيْ: قرن غناه بكرمه وجوده والحميد، أي: الغني النّافع خلقه بغناه؛ فهو يحمد؛ لأنّه سبحانه يعطي خلقه ويُغني بعضهم حتّى ولو عصوه، والحميد من قبل أن يحمده خلقه، فهو المستحق الحمد من عباده لإحسانه إليهم.