للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة فصلت [٤١: ٤٧]

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَاءِى قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}:

سبب النزول: أن اليهود أو قريشاً سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرنا عن الساعة إن كنت رسولاً، كما تزعم. فنزلت هذه الآية ردّاً على سؤالهم كما قال مقاتل وروى الطبري.

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}: تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر، أيْ: إليه وحده يرجع علم الساعة (أيْ: متى تقوم الساعة).

وعلم الساعة لا يعلمه إلا الله عز وجل، والساعة هي لحظة تهدم النظام الكوني الحالي. وتختلف عن يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين، أيْ: يوم البعث وخروج الناس من قبورهم.

وليس فقط يعلم الساعة، بل يعلم {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا} الأكمام: جمع كم وكم الثوب مخرج اليد، أي: المواضع التي كانت مستترة فيها وغلاف كل شيء كُمُّه، أيْ: يعلم سبحانه كل ثمرة تخرج من وعائها ووقت ظهورها.

{مِنْ ثَمَرَاتٍ}: من استغراقية.

{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى}: من أنثى: من استغراقية تحمل من ذكر أو أنثى أو توءَم أو غيرها.

ويعلم ما تحمل من أنثى: تشمل كل جنس من الإنس والجن والحيوان والنبات، وما تحمل ومتى تضع وشكله وأوصافه ولونه، تام الخلق أم لا.

{وَلَا تَضَعُ}: زمن الولادة ومكان الولادة ولا تضع إلا بأمره وعلمه.

{إِلَّا}: أداة حصر. {بِعِلْمِهِ}: الباء للإلصاق واللزوم.

وتكرار (وما) يفيد التوكيد. وما تنفي الحال عادة ولا تنفي الاستقبال. فهذه الأمور الثلاثة يجب ردُّها إلى الله سبحانه، فهي نوع من علم الغيب.

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}: يوم مفعول به لفعل محذوف تقديره: واذكر يومَ يناديهم.

وقد يسئل سائل: ما مناسبة ذكر هذا الجزء من الآية؟ فبما أن الله سبحانه يُخبر أن علم الساعة لا يعلمه إلا هو. أراد سبحانه أن يذكرهم بما يحدث في ذلك اليوم، فقال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَاءِى قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}.

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}: أيْ: يوم القيامة، يناديهم: أيْ: ينادي المشركين.

{أَيْنَ شُرَكَاءِى}: أين: استفهام عن المكان استفهام مجازي، فهو سبحانه يعلم مكانهم حقيقة، وإنما هو للتبكيت والتقريع.

{الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}: أنهم شركاء لله تعالى تزعمون في الدنيا وتزعمون من زعم: وهو قول بلا دليل، وأكثر ما يقع في الباطل.

{قَالُوا آذَنَّاكَ}: أعلمناك الآن.

{مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}: ما: النافية، منا من: استغراقية، أيْ: لا أحد منا يشهد أن لك شريكاً. وشهيد صيغة مبالغة لشاهد، ولم يقولوا: ما منا من شاهد. الشهيد: هو الذي يعلم بواطن الأمور وظواهرها.

ارجع إلى سورة المجادلة آية (٦) لمزيد من البيان، وسورة البقرة آية (١٣٣) لمعرفة الفرق بين الشاهد والشهيد.