{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}: أي كما أوحينا إليك هذا القرآن أوحينا إلى الرّسل من قبلك التّوراة والإنجيل والزّبور والصّحف، أوحينا: ارجع إلى الآية (٣) للبيان، وسورة النساء آية (١٦٣). أو: كما أنزلنا الكتب السّماوية السّابقة التّوراة والإنجيل والزّبور والصّحف أنزلنا إليك قرآنا عربياً.
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا}: سمي قرآناً: لأنّه يقرأ من السّطور والتّلقي، عربياً: بلغة عربية، بلسان قومك.
{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى}: اللام للتعليل، تنذر أم القرى؛ الإنذار: هو الإعلام (والتبليغ) والتحذير والتخويف؛ أي: تنذر أهل مكة من عدم مخالفة أوامر الله وتنذره من النّار والعذاب، وسميت أم القرى: لأنّها هي الأصل والأم لكلّ قرية أخرى على الأرض، ولها أسماء مثل بكة والبلد الأمين، وتسميتها بأم القرى؛ لأنّها كانت أول جزيرة بركانية ظهرت على قشرة الأرض ثم مدّت الأرض من حولها تدريجياً، حتى شكلت القارة الأم الّتي تشققت إلى القارات الحالية بشبكة من الصدوع الّتي أزاحت القارات عن بعضها كما نراها الآن. فهي أول قرية تشكلت على اليابسة وهي تقع وسط اليابسة، وكذلك فيها أول بيت وضع للناس فهي أم القرى من حيث النشأة ومن حيث الفضيلة. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٩٢) لمزيد من البيان.
{وَمَنْ حَوْلَهَا}: من: استغراقية تشمل كلّ القرى حولها، الحول هو المحيط، فكلمة (حولها) تشمل كلّ مكان؛ أي: العرب وسائر النّاس، وخصوا بالذّكر لأنّهم أوّل المنذَرين، والخطاب وإن كان موجهاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمقصود به أمته أيضاً.
{وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ}: تكرار (وتنذر) للتوكيد، يوم الجمع: يوم القيامة، وله أسماء كثيرة منها يوم الحشر والجمع والقيامة والتّناد، والفصل والخروج والتّغابن، والصّاخة والحاقة والطّامة وغيرها. وسمي يوم الجمع؛ لأنّ الله سبحانه يجمع فيه الأولين والآخرين من الخلائق كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}[الواقعة: ٤٩ـ٥٠]، {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}[المرسلات: ٣٨].
{لَا رَيْبَ فِيهِ}: لا: النّافية، ريب فيه: الرّيب: الشّك والتّهمة؛ لأنّهم يشكون في قيامه ويكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وآيات الله.
{فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ}: بعد الجمع يحصل الحساب والجزاء والقضاء، ثم الفصل والتّفرق: يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السّعير.