{يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَّفْعِهِ}: يدعو: أي: يعبد الأصنام، لمن: اللام قيل زائدة، وقيل: للابتداء وللتوكيد، مَنْ: تستعمل للعاقل، وتنزل منزلة غير العاقل بعكس الذي (فقط للعاقل). ضرّه أقرب من نفعه: أي: الضّرر النّاتج عن عبادة الأصنام، أو غير الله أقرب؛ أي: أشد أو أقوى من النّفع الحاصل من عبادتها.
إذن هناك نفع إلى حد ما في هذه الآية، بينما في الآية السّابقة نفى أن يكون لها نفعٌ أبداً، فهل هناك تناقض في الآيتين؟ الجواب: لا، أو كيف نفسر النّفع الحاصل من عبادة الأصنام، بأنّ للأصنام سدنةً وهم الواسطة بين الأصنام وعُبّادها كونهم سدنة ومسؤولين عن القيام بخدمتها ونظافتها، فهم يأخذون الأموال الطّائلة والتّبرعات الّتي تحصل في أماكن الأصنام وتعطى للفقراء والأيتام، ولكن هذا النّفع المادي مقصور على الحياة الدّنيا ثمّ يتركونه ويزول وراءهم، ومدته قصيرة أصلاً. يدعو لمن ضره في الدّنيا: قبل الآخرة، أقرب من نفعه؛ أي: ضرره في الآخرة محقق متيقن منه. فحين يموت أحدهم لا إيمان لهم، ولا عمل صالح؛ لأن الشرك يحبط أعمالهم؛ لذلك ضره في الآخرة أشد بكثير من الفائدة الدنيوية.
{لَبِئْسَ}: اللام للتأكيد، بئس: فعل لإنشاء الذم؛ أي: ساء وقبح المولى والعشير تعود على الأصنام.
{الْمَوْلَى}: الّذي يليك ويقرب منك: الّذي ينفعك ويساعدك ويُعينك وقت الشّدة، وينصرك إذا احتجت له، والمولى هنا هي: الأصنام، فبئس وقبح ذلك المولى؛ لأنّها لا تنصرهم ولا تستجيب لهم.
{وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ}: العشير: الصّاحب، وهو المعاشر الّذي تأنس به أو الخليل، وهي الأصنام، وقد تطلق على القبيلة أو القريب.
فهناك فرق بين بئس المولى (المعين) وبئس العشير (الصاحب)؛ لأنّ الصاحب قد لا يكون معيناً إذا طلب منه المساعدة، أو المعين (المولى) قد لا يكون صاحباً لذلك فرّق بينهما فهي ليست بصاحب ولا معين (ولي) ولا كلاهما.