سورة يوسف [١٢: ١٠٩]
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ}:
هذا ردٌّ على قولهم؛ لأنّهم كانوا يقولون: {لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} [فصلت: ١٤].
{وَمَا أَرْسَلْنَا}: ما: النّافية.
{أَرْسَلْنَا}: ولم يقل: بعثنا. ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة.
{مِنْ قَبْلِكَ}: من: ابتدائية؛ أيْ: ابتداء الغاية في الزّمن الّذي سبق قدومك؛ أي: قبلك مباشرة بدون فاصل زمني مقارنة بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا} [الأنبياء: ٧]؛ قبلك: تحتمل الزمن القريب أو البعيد.
{إِلَّا رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِم}: إلا: حصراً.
{رِجَالًا}: وليس فيهم امرأة.
{نُّوحِى إِلَيْهِم}: بالوحي، وهو الإعلام بالخفاء بإرسال رسول، أو الإلهام، أو التّكليم من وراء حجاب. ارجع إلى سورة النّساء، آية (١٦٣)؛ لمزيد من البيان.
{مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى}: أيْ: ليس من أهل البوادي، والأعراب.
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ}: أفلم: الهمزة: للاستفهام، والفاء: للتوكيد، لم: النّافية، وفاء السببية مقارنة بالواو كقوله أولم يسيروا الواو: لمطلق الجمع.
{فَيَنظُرُوا}: الفاء: تدل على التّرتيب، والتّعقيب.
{كَيْفَ كَانَ}: كيف: للاستفهام، والتّحذير.
{كَانَ عَاقِبَةُ}: حين يذكَّر العاقبة ويقول كان عاقبة؛ يعني: العذاب؛ أيْ: كيف كان عذاب الّذين من قبلهم، وحين يؤنِّث العاقبة فيقول كيف كانت عاقبة؛ تعني: الجنة؛ من خصائص القرآن.
{عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: من: ابتدائية.
{عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: من زمن قريب، وفيها تهديد، ووعيد أكبر مقارنة بقوله: قبلهم؛ أيْ: تعني إهلاك الأقوام التي جاءت قبلهم منذ زمن قريب؛ فيه تهديد أكبر من إهلاك البعيد، ويأتي بحرف من.
{وَلَدَارُ الْآخِرَةِ}: الجنة، واللام: لام الاختصاص.
{خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}: خير من الدّنيا.
{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}: أدّوا أوامر الله، وتجنَّبوا نواهيه، واللام: لام الاختصاص.
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: الهمزة: استفهام إنكاري، وتوبيخ على عدم التّعقل (الفهم)، وتعجُّب من ترك التّفكير، وألا: أداة تنبيه، وحضٍّ، وتحمل معنى الأمر.
{تَعْقِلُونَ}: أن تفهمون ما يتلى عليكم، وما توعظون به، والخطاب موجَّه إلى المشركين، والمكذبين بآيات الله.