للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النساء [٤: ١٥٥]

{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}:

{فَبِمَا}: الفاء: للتعقيب، والترتيب، والمباشرة؛ أيْ: لم يمضِ وقتاً طويلاً عليهم حتى عادوا إلى نقض الميثاق من جديد.

والباء: للإلصاق، والتوكيد (باب السببية)، وما: للتوكيد.

{نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ}: أيْ: بسبب نقضهم ميثاقهم (العهد المؤكد الذي أخذوه على أنفسهم بالالتزام بأوامر الله -جل وعلا- ).

ونقض الميثاق: يعني: حلّه؛ أيْ: رفض العمل به، أو التخلي عنه.

وما فع له الله بهم، لم يبيِّنه في هذه الآية، بل بيَّنه في سورة المائدة، آية (١٣): {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}.

{وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ}: كفروا بآيات التوراة، والآيات الدالة على صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنبياء الله ورسوله؛ الذين أرسلوا إليهم، أو المعجزات التي كانوا يشاهدونها بين الحين والآخر.

{وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}: كزكريا -عليه السلام- ، ويحيى -عليه السلام- ، وغيرهما من الأنبياء بغير ذنب. ارجع إلى سورة البقرة آية (٦١) للبيان المفصل بين الآيات المتشابهة في قتلهم الأنبياء، أو النبيين بغير حق، وبغير الحق.

{وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ}: أي: ادعوا أن قلوبهم غلف، ذوات غلف؛ أيْ: مغشاة بأغطية تمنع وصول أيِّ شيءٍ مما يدعو إليه من الإيمان والموعظة، أو لا تعي، ولا تفقه ما يقال لها من كلام الرسل والأنبياء، أو لسنا بحاجة إلى العلم، عندنا ما يكفينا من الهدى والرشاد الذي تركه آباؤنا، بسبب هذه الأمور الأربع؛ طبع الله على قلوبهم.

بل: للإضراب الانتقالي.

والحقيقة: أن الله هو الذي طبع على قلوبهم، ولعنهم بكفرهم؛ لأنهم تمادوا في كفرهم وطغيانهم.

والطبع أشد من الختم، والذي يطبع على قلبه يُفقد الأمل منه في غالب الأحوال، إلّا ما رحم الله، فلا يدخل قلبه ذرة أو شعاع إيمان، ولا يخرج من قلبه ذرة كفر.

{فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}:

{فَلَا}: الفاء: للتوكيد، لا: النافية.

{يُؤْمِنُونَ}: بالله ورسله، وما أنزل الله على رسله.

{إِلَّا}: أداة حصر.

{قَلِيلًا}: أيْ: فلا يؤمن منهم إلّا القليل؛ (أمثال: عبد الله بن سلام وأصحابه)؛ أي: العدد القليل، أو إذا آمنوا يكون إيمانهم قليلاً كيفاً أو كماً. ولمقارنة هذه الآية بالآية (٨٨) في سورة البقرة وهي قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ}؛ ارجع إلى الآية (٨٨) في سورة البقرة للبيان.