المناسبة: بعد أن تزوَّج رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من زينب قال بعض النّاس: إنّ محمّداً تزوج امرأة ابنه فجاءت هذه الآية للرد عليهم، فقال تعالى:
{مَا كَانَ}: ارجع إلى الآية (٣٨) للبيان.
{مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِّجَالِكُمْ}: السّؤال هنا: ألم يكن محمّد أباً لعبد الله وللقاسم ولإبراهيم؟ الجواب: نعم فهؤلاء الثّلاثة أولاده -صلى الله عليه وسلم-، ولكن ماتوا ولم يبلغوا سن الرّجال، ولأنّ الآية قالت: من رجالكم ويقصد به زيد، ولم يقل: أبا أحد منكم؛ لأنّ منكم تشمل الصّغير والكبير والولد الحقيقي والمتبنى، من: ابتدائية استغراقية. وقد خاطب الله سبحانه نبيه محمد باسمه محمد -صلى الله عليه وسلم- في أربع آيات لأسباب خاصة، ومرة باسمه أحمد؛ ارجع إلى الآية (١) من نفس السورة.
{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ}: لكن للاستدراك والتّوكيد، رسول الله.
{وَخَاتَمَ النَّبِيِّنَ}: أيْ: آخرهم وخاتم الشّيء آخره فلا نبي ولا رسول يأتي بعده إلى قيام السّاعة وكلّ بشر يدعي النّبوة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو كذاب أفاك.
{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا}: كان تشمل كلّ الأزمنة الماضي والحاضر والمستقبل، كان ولا زال وسيظل، بكلّ شيء: الباء للإلصاق والالتزام والدّوام، شيء عليماً: من قول وعمل عليم بأقوال العباد وأعمالهم، وما يجري في كونه ولا تسقط من ورقة إلا يعلمها ويعلم ما في السّموات وما في الأرض، يعلم من يدَّعي النّبوة ومن هو أبو، أو أمُّ كلِّ جنين ويعلم ما يُشرع لعباده وما هي مصلحتهم.
ولم يقل سبحانه: وخاتم المرسلين: لكان هناك احتمال أن يأتي بعده نبي، ولكن حين قال: خاتم النّبيين (لأنّ كلّ رسول نبي، وليس كلّ نبي رسولاً) أيْ: لن يأتي بعده لا نبي ولا رسول.