سورة آل عمران [٣: ١٣٤]
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}:
أعدت للمتقين الذين من صفاتهم الإنفاق، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس، والإحسان.
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ}: جاء بالفعل المضارع الذي يدل على التجدد، والاستمرار في الإنفاق.
الذين: اسم موصول يفيد المدح والتعظيم.
{فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ}: في الغنى واليسر، والضراء: هو البلاء الذي يصيب البدن خاصة مثل المرض والسقم والفقر؛ ينفقون بكثرة في السراء والضراء.
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}: الكاظمين: جمع كاظم، والكظم: هو حبس الغيظ في الصدر مع القدرة على إمضائه؛ أي: إخراجه وإظهاره للغير.
والغيظ: هو غم أو هيجان النفس بسبب سوء لحق بها من الغير؛ أي: هو ألم شديد يحدث في النفس عند الاعتداء عليها بسبب مادي حسي أو معنوي. ارجع إلى سورة التوبة، آية (١٥)؛ لمزيد من البيان.
وأصل الكظم مشتق أن تملأ القربة (وعاء لنقل الماء عند العرب قديماً)، وهو جلد مدبوغ فإذا ملئت بالماء شد على رأسها، أي: رُبط على فتحتها ربطاً محكماً بحيث لا يخرج من الماء شيءٌ، ويقال عن هذا الفعل كظم القربة؛ أي: ملأها وربطها، ومن ليونة القربة يحاول الماء أن يخرج منها دائماً، وكذلك الغيظ: فهو يشبه الماء في القربة، والقربة هي النفس البشرية.
يريد الله منا أن نُحكم ونربط ونكظم النفس البشرية؛ كي لا يخرج منها الغيظ، كما نربط ونكظم القربة.
{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}: العفو: ترك العقوبة على الذنب.
العفو: ترك عقوبة من أذنب، وعدم مؤاخذته مع القدرة على الأخذ بالعقوبة، أو عدم العفو، ولا يقتضي إيجاب الثواب.
أما الغفران: فهو ترك العقوبة (يسقط عنه العقاب)، ويعطيه ثواباً على أعماله الصالحة (أي: الغفران= العفو+ الثواب).
{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}: الله يحب كل محسن بما فيهم هؤلاء المتقين الكاظمين، والعافين عن الناس، فهؤلاء وصلوا مرحلة الإحسان.
وللمزيد عن الإحسان ارجع إلى الآية (١١٢) من سورة البقرة.