{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ}: على موسى تحريم منع لا تحريم شرع، أيْ: منعناه من قبول ثدي أية مرضع، قال تعالى:{الْمَرَاضِعَ} ولم يقل: المرضعات.
{الْمَرَاضِعَ}: جمع مرضع وهي المرأة الصّالحة أو القادرة على الإرضاع، ولكنها لا ترضع الآن حين يأتي وقت الإرضاع ترضع، أمّا المرضعات: جمع المرضعة فتطلق على المرأة الّتي تقوم بعملية الإرضاع الآن والطّفل في حضنها وهي ترضعه.
{مِنْ قَبْلُ}: من قبل أن نرده إلى أمّه ليرضع منها ومن تعني من قريب، أو من قبل تعني حرمنا عليه المراضع اللاتي أحضرن لقصر فرعون ليرضعن موسى من قبل أن تحضر أمّ موسى لترضعه، ومن قبل: أيْ: من سابق علم الغيب من قضاء الله مسبقاً من قبل ولادته وكل المعاني محتملة.
{فَقَالَتْ}: أخته بعد أن انتشر الخبر في المدينة أنّه لا يرضع ولا يقبل ثدي أيِّ مرضع تحضر إليه، قالت وهم لا يعرفون أنّها أخته.
{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ}: هل استفهامية فيها معنى العرض واللهفة على الدّلالة وأقوى من الهمزة في الاستفهام كقوله: أأدلكم، من أدلكم: أخبركم على أهل بيت يكفلونه: من الكفالة وهي التزام بأداء ما تكفل به إلى صاحب الحق عند المطالبة، يكفلونه لكم: الكفالة: أي: الالتزام بإرضاعه لكم، لكم: اللام لام الاختصاص لكم خاصة.
{وَهُمْ لَهُ}: هم: للتوكيد، له: تقديم له يفيد الحصر له تعود على موسى.
{نَاصِحُونَ}: حافظون راعون مشفقون، قال ابن عبّاس: فلما قالت ذلك ظنوا أنّها تعرف موسى وتعرف أهله، فأنكرت ذلك، وغيرت كلامها وبإلهام من الله تعالى: نجت من الفتنة أو المحنة.
وانتبه إلى قوله يكفلونه لكم وهم له ناصحون: يكفلونه: جملة فعلية، وهم له ناصحون: جملة اسمية أقوى من الجملة الفعلية؛ لأنّ الكفالة تعد أمراً سهلاً بالنّسبة للنصح الّذي يعني: الإخلاص والرّعاية والتّربية، فلو اكتفت أخت موسى بالقول يكفلونه لكم، لربما لم تتعرض لهذه الفتنة الّتي سببها حرصها على موسى وشفقتها عليه لكونها أخته.