{مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}: ليكونوا مبشرين لمن أطاع الله تعالى، وصدق برسله، والبشارة تعني: الخبر السّار، ومنذرين لمن عصى الله تعالى، وكذب برسله، والإنذار هو: الإعلام، والتّحذير، والتّخويف، ولمعرفة معنى البشارة: ارجع إلى سورة البقرة، آية (١١٩)، والنّحل، آية (٨٩)؛ للبيان.
{وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ}: الجدال: هو الحوار الّذي يحصل فيه اختلاف في الآراء، والمشوب بالمشادة الكلامية، والمخاصمة؛ لإثبات حق، أو دفع شبهة، أو إظهار حجة.
{بِالْبَاطِلِ}: هو ما لا وجود له، ولغةً: هو الزّائل، أو الذّاهب، والباطل في القرآن: يطلق على الشّرك، والأصنام، والشّيطان، ويطلق على الكذب، والظلم، والإحباط.
{لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}: ليدحضوا: اللام: للتوكيد، والتّعليل؛ يُدحضوا: يزيلوا به الحق مأخوذة من الدّحض: الطين الذي يزلق فيه مشتقة من ادحاض القدم، وهو انزلاق القدم والزلة عن مكانها؛ أي: يجادلوا بالباطل كي يبطلوا ما جاء به محمّد -صلى الله عليه وسلم-، أو يأمرهم به القرآن، أو ينهاهم عنه؛ أي: يجادلوا ليبطلوا الحق أو يزيلوه.
{وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا}: ما: مصدرية، أو اسم موصول بمعنى: الّذي. واتخذوا: جعلوا الإنذار بالعذاب موضع استهزاء، أو استهزءوا بالإنذار، ولم يعبؤوا به. ارجع إلى سورة الزمر آية (٤٨) لبيان معنى الاستهزاء.
لنقارن هذه الآية (٥٦) من سورة الكهف: {وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا}، والآية (١٠٦) من سورة الكهف: {وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَرُسُلِى هُزُوًا}: الآية (٥٦) تتحدث عن الاستهزاء بالإنذار نفسه، وأمّا الآية (١٠٦): تتحدث عن الاستهزاء بالرّسل أنفسهم. ارجع إلى الآية (١٠٦)؛ للبيان، والمقارنة؛ فهم استهزءوا بالإنذار، وبالرسل معاً، أو منهم من استهزأ بالنُذر، ومنهم من استهزأ بالرّسل.