سورة النساء [٤: ١٢٣]
{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}:
المناسبة: بعد قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}: يأتي قوله: ليس بأمانيكم متعلق بقوله: ويُمنيهم.
والتقدير: ليس الفوز بالجنة، أو النجاة من النار أمراً متعلقاً بأمانيكم، أو أماني الشيطان، أو أماني أهل الكتاب، أو أيِّ أحدٍ، وإنما الأمر متعلق بالإيمان، والعمل الصالح، فلا تغرنَّكم الأماني الكاذبة.
{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}:
{لَّيْسَ}: للنفي؛ تنفي الحال، وغير الحال.
{بِأَمَانِيِّكُمْ}: الباء: للإلصاق، والخطاب موجَّه إلى المؤمنين.
{وَلَا}: الواو: عاطفة. لا: النافية؛ لتأكيد النفي السابق.
{أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}: اليهود والنصارى الذين يقولون: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: ١١١].
وكذلك قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [آل عمران: ٢٤].
ولم يذكر أماني الكفار؛ كالذي يقول: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف: ٣٦].
{مَنْ}: شرطية استغراقية تشمل الإنس والجن.
{يَعْمَلْ سُوءًا}: جاءت كلمة سوء نكرةً؛ لتشمل كل أنواع السوء: الظلم، والشرك، وكل أمر منهي عنه، والذنب، والقبيح، والمعصية، والسيئات.
وقيل: السوء: هو كل ما يسيء إلى النفس، وإلى الغير، أو يسوء إظهاره.
{يُجْزَ بِهِ}: في الدنيا، أو في الآخرة.
الجزاء: وهو مقابل العمل، فالجزاء منوط بالعمل؛ أيْ: يعاقب عليه.
{وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}:
{وَلَا يَجِدْ لَهُ}: الواو: عاطفة.
{وَلَا}: نافية؛ أيْ: من يعمل سوءاً لا يجد له من دون الله، من غير الله تعالى.
{وَلِيًّا}: الولي: القريب المعين.
{وَلَا}: تكرار لا: يفيد توكيد النفي، وفصل الولي عن النصير.
{وَلَا نَصِيرًا}: يدافع عنه وينصره، أو يدفع عنه عذاب الله سبحانه.
والولي غير النصير، فلو وجدت ولياً قد لا يكون قادراً على نصرك، أو وجدت نصيراً قد لا يكون قادراً على ولايتك، أو قد لا تجد لا هذا، ولا ذاك.