{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً}: ثم: للترتيب العددي؛ أي: أولاً ثانياً ثالثاً، وهكذا بعد مرحلة النّطفة، والّتي تستغرق أسبوعاً تتحول النّطفة إلى علقة تعلق في جدار الرّحم، وتستغرق في تشكلها الأسبوعين الثّاني والثّالث، وتتحول إلى مضغة.
{فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً}: الفاء تدل على المباشرة والتّرتيب، المضغة: تتبع العلقة، وهي تنقسم إلى مضغة مخلَّقة تستمر لتشكل الجنين وغير مخلَّقة تشكل الخلايا الجذعية المتوزعة في جسم الإنسان، تبدأ مرحلة المضغة في الأسبوع الرّابع، وتستمر إلى (٤٠) يوماً، تبدأ بعدها مرحلة العظام، وسُمِّيت بالمضغة؛ لأنّ شكلها يشبه قطعة اللحم الممضوغة بالأسنان.
{فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا}:، أي: العظام تبدأ بالتّشكل في بداية الأسبوع السّابع.
{ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}:، أيْ: بعد نفخ الرّوح فيه والإنشاء: إيجاد الشّيء وفيه معنى النّمو والتّطور، وعلى غير مثال سابق بحيث يتشكل ويأخذ شكل الجنين، ويتطور تدريجياً إلى أن يتم نموه في حوالي الشّهر السّادس، ويصبح قابلاً للحياة. ارجع إلى سورة الحج آية (٥) لمزيد من البيان.
{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}: يجب الانتباه إلى معنى خالقين: من الخلق وهو التّقدير، فالله سبحانه يقدِّر ويخلق من العدم وعلى غير مثال سابق وهو سبحانه الخالق الحقيقي، كما قال تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر: ٦٢].
في هذه الآية أعطى سبحانه بعض عباده من العلماء صفة الخلق فإنّهم يخلقون من مواد أو أشياء أوجدها الله لهم ولكونهم قادرون على التّقدير والتّسوية والحساب أشركهم في الوصف، كما أشركهم في الرّزق فقال:{خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[المائدة: ١١٤] وفي الحكم فقال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التّين: ٨]، والوارثين {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}[الأنبياء: ٨٩].
والاستنساخ ليس خلقاً، وإنما هو اكتشاف لبعض أسرار الخلق.