المناسبة: بعد ذكر المشركين وشركائهم وسؤالهم ليشفعوا لهم ولينصروهم يوم القيامة فلا يستجيبون لهم ويتبرؤون منهم وتعمى بصائرهم يوم القيامة فهم لا يتساءلون، وما يشاؤون ويختارون كله باطل لا وجود له، وما يشاء الله سبحانه ويختار هو الحق.
{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}: ما للعاقل وغير العاقل وما تستعمل للشيء غير المحدد، أيْ: تشمل كلّ شيء يخلقُ، ويختار ما يشاء وليس لأحدٍ الأمر والاختيار فهو يخلق ما يشاء خلقه ومشيئته مقرونة بالحكمة فهو لا يخلق عبثاً.
الاختيار يكون من بين أشياء غير متشابهة، ولذلك لم يقل: يصطفي (الاصطفاء من أشياء متشابهة) فهو يختار الرّسل ويختار الأنبياء والملائكة والرّسل ويختار من الشّهور والأيّام والليالي والجبال والأماكن ما يشاء.
{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}: ما: نافية، كما قال ابن عباس وأكثر المفسرين؛ أي: ما كان لهؤلاء المشركين ولا لأصنامهم حق الاختيار؛ لأنهم لا يخلقون شيئاً، ولا أصنامهم تخلق شيئاً، ولا تختار أيضاً، والله وحده له حق الاختيار المطلق، وليس لأحد غيره؛ لأنه هو الخالق وحده، ولكونه الحكيم لا يفعل إلا الصالح والأصلح، وهو الذي يحدد ما هو صالح أو أصلح، وليس نحن الذين نحدد؛ لأنه يعلم ونحن لا نعلم. الخيرة: تعني: الاختيار في شيء؛ الخيرة: اسم مصدر بمعنى: الاختيار.
{سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}: التسبيح: تنزيه الله سبحانه من أي نقص، أو مشابهة المخلوقين وتعالى عن إشراكهم. ارجع إلى الآية (١) من سورة الحديد والآية (١) من سورة النّحل لمزيد من البيان في معنى التسبيح.