للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ١٣٣]

{وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}:

{وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ}: عن عباده، ولا يحتاج إليهم، ولا لعبادتهم، ولا يضره كفرهم، ومع كل ذلك هو: {ذُو الرَّحْمَةِ}: ولم يقل الغني الرحيم، وإنما قال ذو الرحمة: من كمال الغنى، وذو: تعني: صاحب رحمة، وكلمة (ذو): أشرف، وأبلغ من كلمة صاحب. وذو رحمة تعني: كثير الرحمة، وذو رحمة؛ لأنه يمهل ولم يذهب بهؤلاء الكافرين.

{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم}: إن: شرطية.

{يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}: أيها العصاة، ويستأصلكم بالعذاب.

{وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم}: ويستخلف بعد إهلاككم من هو أفضل منكم.

{مَا يَشَاءُ}: من خلقه، ممّن هو أطوع منكم.

{كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}: الإنشاء: الإحداث حالاً بعد حال، أو الإيجاد من غير الاحتذاء على مثال سابق؛ قيل: هم أهل سفينة نوح -عليه السلام- ، أو ذريات أخرى على مدى العصور.

ما هو الفرق بين الاستخلاف والاستبدال؛ كما في سورة هود، الآية (٥٧): {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْـئًا إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ}، وسورة التوبة، الآية (٣٩): {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}.

الاستخلاف: يأتي بجيل، تلو الجيل، من دون انقطاع.

الاستبدال: يأتي بجيل بعد جيل، ولو مرت قرون طويلة، ولا يعني تلو الآخر؛ أيْ: هناك انقطاع في الزمن بين الجيل المُهلك، والجيل الجديد.

والاستخلاف: أفضل من الاستبدال، فالاستبدال: يحصل لأقوام أعرضوا عن تطبيق الشريعة، ودين الله، أما الاستخلاف: فيحصل لأقوام لم يعرضوا، ولكنهم قصروا، أو لم ينالوا رضا الله التام.