{وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ}: عن عباده، ولا يحتاج إليهم، ولا لعبادتهم، ولا يضره كفرهم، ومع كل ذلك هو:{ذُو الرَّحْمَةِ}: ولم يقل الغني الرحيم، وإنما قال ذو الرحمة: من كمال الغنى، وذو: تعني: صاحب رحمة، وكلمة (ذو): أشرف، وأبلغ من كلمة صاحب. وذو رحمة تعني: كثير الرحمة، وذو رحمة؛ لأنه يمهل ولم يذهب بهؤلاء الكافرين.
{وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم}: ويستخلف بعد إهلاككم من هو أفضل منكم.
{مَا يَشَاءُ}: من خلقه، ممّن هو أطوع منكم.
{كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}: الإنشاء: الإحداث حالاً بعد حال، أو الإيجاد من غير الاحتذاء على مثال سابق؛ قيل: هم أهل سفينة نوح -عليه السلام- ، أو ذريات أخرى على مدى العصور.
ما هو الفرق بين الاستخلاف والاستبدال؛ كما في سورة هود، الآية (٥٧): {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْـئًا إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ}، وسورة التوبة، الآية (٣٩): {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}.
الاستخلاف: يأتي بجيل، تلو الجيل، من دون انقطاع.
الاستبدال: يأتي بجيل بعد جيل، ولو مرت قرون طويلة، ولا يعني تلو الآخر؛ أيْ: هناك انقطاع في الزمن بين الجيل المُهلك، والجيل الجديد.
والاستخلاف: أفضل من الاستبدال، فالاستبدال: يحصل لأقوام أعرضوا عن تطبيق الشريعة، ودين الله، أما الاستخلاف: فيحصل لأقوام لم يعرضوا، ولكنهم قصروا، أو لم ينالوا رضا الله التام.