سورة الأنعام [٦: ١١٩]
{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}:
{وَمَا}: الواو: عاطفة، ما: أداة استفهام.
{أَلَّا تَأْكُلُوا}: ألا: أداة حضٍّ، وتعجب، وإنكار؛ حضٌّ للأكل، وتعجُّب لعدم الأكل، يحمل معنى الأمر، أو: أيُّ سبب يمنعكم من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، مثل باسم الله، والله أكبر.
{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}: الذي ورد في آية سورة الأنعام (١٤٥)، قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِى مَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}… إلخ.
أو سورة المائدة، الآية (٣)، أو غيرها من الآيات.
{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}: ارجع إلى آية المائدة (٣)؛ للبيان، {فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ}.
{وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}:
{وَإِنَّ}: للتوكيد.
{وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ}: اللام: للتوكيد.
{لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ}: أيْ: يفتون بغير علم، يحرمون، ويحللون بما لم يشرع به الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، حسب ما تميل أنفسهم إلى الباطل، أو بعيد عن الحق، مثل تحريم البحيرة، والوصيلة، والسائبة، والحام.
{بِأَهْوَائِهِم}: جمع هوى، والهوى: هو ما تميل إليه النفس، بما لا ينبغي باطلاً، أو بعيداً عن الحق، ولا دليل له في الشرع، ويغلب عليه الذم، ويختص بالأداء، والاعتقادات.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ}: بما شرعه الله، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{إِنَّ رَبَّكَ}: إن: للتوكيد، {رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ}: هو للتوكيد، والحصر.
{أَعْلَمُ}: صيغة مبالغة؛ من علم، عليم، أعلم.
{بِالْمُعْتَدِينَ}: الباء: للإلصاق.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}: ولم يقل إن ربك هو أعلم بالضالين، وإنما سماهم بالمعتدين؛ المعتدين على أنفسهم وعلى غيرهم وأنهم ضلوا وضلوا غيرهم؛ المعتدين: الذين يضلون بأهوائهم، ولكن الله أعلم منهم بكثير، يعلم مدى ودرجة ضلالهم، وكم ضلوا من الناس ومصيرهم.
والمعتدين، المتجاوزين الحلال إلى الحرام، والحق إلى الباطل، أو حدود الله.