للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة آل عمران [٣: ٧٥]

{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الْأُمِّيِّنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}:

{وَمِنْ}: الواو: استئنافية، من: ابتدائية.

{أَهْلِ الْكِتَابِ}: اليهود والنصارى.

تشير هذه الآية على العدل الإلهي أن يخبرنا أن بعض أهل الكتاب ذوو أمانة، فلو أمنته على قنطار من الذهب (والقنطار=١٠٠رطل) والرطل يعادل (٢, ٥كغ) يؤده إليك، واستعمل القنطار للمبالغة.

{مَنْ إِنْ}: من: اسم موصول، إن: شرطية.

{بِقِنطَارٍ} الباء: للإلصاق، أو تعني: على، ولكن لماذا استعمل الباء بدلاً من (على)؛ لأن الأمانة في هذه الآية هي الوديعة (المال) أو الأمانة بالمعاملة وأنت غير متمكن من الذي تأمنه هل يرد الأمانة أم لا بقوله تعالى على لسان يعقوب {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ} [يوسف: ٦٤] على تدل على التمكن.

{وَمِنْهُم مَّنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ}: واحد لا يؤده إليك، وهذه تدل على قلة أمانتهم.

{لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}: لا: النافية، يؤده إليك: لا يرجعه إليك، إلا: أداة حصر، ما دمت عليه قائماً، أي: تلح في طلب الدينار، وتكون دائم السؤال عنه، أو مطالباً له ليلاً ونهاراً، فالقيام عليه تعني المطالبة به، والقاعد عنه تعني: غير المطالب به.

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الْأُمِّيِّنَ سَبِيلٌ}: ذلك: اسم إشارة للبعد، ويشير إلى ترك الأداء الذي دل عليه لم يؤده؛ أي: تركهم أداء الحقوق بسبب قولهم، ليس علينا في الأميين سبيل: الأميين؛ أي: العرب (وتعني: المؤمنين)، والتسمية مشتقة من الأم، والأمي من لا يكتب، والأميين: من لا كتاب لهم. سبيل؛ أي: إثم أو حرج، أو مؤاخذة، أو تبعة.

أي: قالوا ليس علينا إثم إذا أكلنا أموال الأميين العرب؛ لأنهم كانوا أنفسهم يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه، ولأن الأميين ليسوا على دينهم، والخلق عبيد لهم؛ مما يدل على تعصبهم الدِّيني، وأنهم استحلوا أموال الناس ظلماً وباطلاً.

{وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: بادعائهم الباطل ليس علينا في الأميين سبيل قد جاء في كتابهم فهم بذلك يفترون على الله الكذب، وهم: ضمير فصل تفيد التوكيد (أنفسهم)، يعلمون: أنهم كاذبون، ويعلمون أن الخيانة محرَّمة في شرع الله.